«همس لى الرئيس باراك أوباما فى حوار خاص جدا بينى وبينه فى حضور 80 شخصا فقط بأن عملية السلام زى الفل».
لأننى لا أجيد الماليزية قراءة، ولا كتابة بالطبع، فقد رحت أبحث كيف تناول العرب من عظماء الصحافة السبعة قصة اللقاء الجماعى مع الرئيس الأمريكى فى جامعة القاهرة بعد الخطاب التاريخى.
صحيفتان عربيتان قدمتا الحوار بعناوين تقسم برحمة أبى من كتبها أنه حوار خاص، وعلى طريقة دكاكين وسط البلد «المحل مكيف الهواء» ما إن تدخل حتى تكتشف أن الحوار عام، بل يكاد يقترب من درجة «عمومى» .
غير أن اللافت أكثر أن بعضا من السبعة المبشرين بالحوار لم يكن أمينا مع الزبون الذى صدق أن «المحل مكيف الهواء» ولما دخل فوجئ بأن هواء المكان ملوث بحضور صحفى إسرائيلى فى لقاء يفترض أنه مع عينة مختارة من قبل السفارة الأمريكية لتمثل صحافة العربى والإسلامى.
وإذا كان من الممكن التغاضى عن محاولة «خصخصة الحوار» من قبل هذا أو ذاك على سبيل «البرستيج» أمام الجمهور، فإن ما لا يمكن فهمه على الإطلاق أن يتحدث أحدهم ــ ببراءة الذئب من دم يوسف ــ باعتباره حضر ممثلا للصحفيين المصريين، وهذه مع احترامى مرحلة متقدمة للغاية من «الهطل» المهنى والبجاحة منقطعة النظير، خاصة إذا كان من يدعى تمثيلنا بهذه الرداءة والركاكة، إلا حد لا يؤهله للتمثيل إلى فى اسكتشات «ساعة لقلبك» وفى أفضل الأحوال فقرات على فايق زغلول.. ففى حدود علمى أن تمثيل الصحفيين المصريين تحدده نقابتهم وليس سفارة أمريكا.
إلا أن المثير حقا أن السادة الذين حضروا لم يجدوا غضاضة فى مشاركة العنصر الإسرائيلى حوارهم الخاص مع السيد أوباما، بل إن أيا منهم لم يحاول أن يبرر للقارئ حضوره، أو حتى يدعى أنه لم يكن يعلم أن هناك إسرائيليا تحت قبة جامعة القاهرة، ولو يعلم ما كان حضر، أو حتى يزعم أنه تم توريطه.
ولعل هذا هو الفرق بين كاتب يحترم نفسه وقلمه وقارئه، مثل فهمى هويدى، وأى كاتب آخر يسيل لعابه أمام دعوة لحضور لقاء جماعى مع رئيس أكبر دولة فى العالم، وهى بالفعل فرصة حقيقية بمعايير الـ( CV) والأرشيف الصحفى.
لكنها ليست كذلك بمعايير أخرى مهنية وأخلاقية، فماذا سيقول أوباما بعد أن ألقى خطابا طويلا عريضا من أكثر من خمسة آلاف وثلاثمائة كلمة، تناول فيها قضايا الشرق الأوسط والعالم بالتفصيل الممل، وماذا سيضيف أكثر مما أدلى به من تصريحات قبل وبعد الزيارة.
ولعل ذلك ما يدعم فكرة أن المقصود بالحوار الخاص ــ العام هو فقط اللقاء العربى الإسلامى الإسرائيلى وتحت قبة جامعة القاهرة، وتلك هى الرسالة التى أراد الرئيس الأمريكى توجيهها إلى العالم.
وإذا كنا لا نلوم الرئيس الأمريكى فى توجيه ما يراه من رسائل، إلا أننا لا نستطيع أن نخفى دهشتنا من تعامل البعض مع زيارة أوباما بمعايير سياحية وليست سياسية، ومن ثم فإن التقاط صور مع الرئيس، والادعاء بإجراء حوارات خاصة معه أهم كثيرا من احترام عقول الناس.