دخول التاريخ بالمايوه البكيني - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 1:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دخول التاريخ بالمايوه البكيني

نشر فى : الأحد 6 سبتمبر 2009 - 10:12 ص | آخر تحديث : الأحد 6 سبتمبر 2009 - 10:12 ص

 مرة أخرى الشاليه أم المصنع.. المدرسة أم صالة القمار؟، يندلع السؤال مجددا مع الاشتباك الدائر حاليا حول أرض الضبعة، هل ننشئ عليها حلمنا النووى المؤجل أم نقطعها إربا ونعطيها لرجال أعمال يواصلون فوقها استثماراتهم السياحية العملاقة التى كانت نتيجتها الوحيدة حرمان أكثر من 95% من الشعب المصرى من البحر والرمل؟

تبدو المسألة فى ظاهرها وكأننا نفاضل بين خيارين على أساس الجدوى والربح، غير أنها فى جوهرها تضعنا أمام خيارين أحدهما أخلاقى والآخر سوقى بامتياز.

ذلك أن دولة واحدة فى العالم، محترمة أم غير محترمة، كبيرة أم صغيرة، لم تقف أمام هذا النوع من الأسئلة وهى تتأهب للانطلاق صوب ما تمتلك به القوة والقيمة والتأثير بين جيرانها، ولا توجد دولة فى العالم تقارن بين إقامة سوبر ماركت على الطريق السريع، وبين إنشاء قاعدة علمية رصينة ومحترمة، كما لا توجد أمة عاقلة فى قارات الدنيا كلها تنحدر إلى هذا المستوى من القياسات والمقارنات فتضع إقامة مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة أمام إنشاء مجموعة من الشاليهات السياحية ثم تجلس تفكر وتفكر أيهما أكثر جدوى.

وظنى أن الدول والشعوب تدخل التاريخ بما تقدمه من منجز حضارى وعلمى وثقافى، ولا تدخله بالمايوه البكينى، بمعنى أن عظمة الدول والشعوب لا تقاس بما تمتلكه من قرى سياحية وشواطئ فارهة ومنتجعات تخطف الأبصار.

ومن ثم تعبر حالة العراك الدائر حاليا حول أرض الضبعة عن غياب كامل لدور الدولة فى حسم أمور على هذا القدر من الأهمية والخطورة، كما أنها تشى بأننا لسنا جادين حقا فى المضى قدما نحو امتلاك الطاقة النووية، وإلا ما معنى أن يتحول مشروع أطلقه رئيس الجمهورية وأمر بتخصيص الأرض له إلى مجرد كرة تتقاذفها الأقدام والأقلام على صفحات الجرائد، وتتحول القضية إلى مقارنة عبيطة بين عائد الاستثمار فى السياحة، وبين جدوى تنفيذ المشروع النووى؟!.

المسألة هنا لا تخضع لحسابات المكسب والخسارة الوقتية، بل تتعلق بمستقبل وطن واقع بين قوتين نوويتين هائلتين، عدو إسرائيلى يرقد فوق أكثر من مائتى رأس نووية على حدودنا الشرقية، وجار إيرانى فى أقصى شمال الشرق لديه أحلامه وطموحه فى قيادة المنطقة ولديه أيضا مشكلات مع التاريخ العربى، فماذا نحن فاعلون؟

للأسف لا نفعل شيئا سوى اجترار رصيد هائل من الأناشيد والأغانى الوطنية القديمة التى تتحدث عن ريادتنا وأسبقيتنا على الدنيا كلها، فى الوقت الذى لا نستطيع فيه صناعة رغيف خبز مصرى مائة فى المائة.

قديما عندما امتلكت باكستان إرادتها وقررت امتلاك السلاح النووى قال زعيمها ذو الفقار على بوتو: «سنرغم على أكل العشب وأوراق الأشجار، بل سنفضل الجوع على الحياة، فقط من أجل امتلاك قنبلة نووية».

أما نحن فمازلنا حائرين أمام السؤال: ندخل التاريخ بالمايوه أم ندخله بالتكنولوجيا النووية؟

وائل قنديل كاتب صحفي