• تخرج فى كلية الطب بإحدى جامعات بريطانيا، تخصص فى جراحة الحوادث والأطراف العلوية وتوصيل الأعصاب الطرفية أى ما يسمى عندنا بالجراحة الميكروسكوبية، وتدرج حتى أصبح استشاريا مخضرما فى هذا المجال الطبى النادر، برز اسمه كجراح عظيم وإنسان نبيل ووطنى من الدرجة الأولى حينما تطوع عام ٢٠٢٤ ضمن وفد طبى تابع لمؤسسة «فجر سينتفيك» لعلاج الجرحى فى قطاع غزة، وصل إليها فى الربع الأول من عام ٢٠٢٤ وكان له دور محورى فى إجراء الجراحات الدقيقة فى المستشفى الأوروبى جنوب قطاع غزة.
• انتهت مهمته الطبية الرسمية فى غزة بعد ثلاثة أشهر إلا أنه أصر على البقاء هناك على مسئوليته الشخصية رغم التحذيرات الكثيرة التى تلقاها وخاصة عند اقتراب الجيش الإسرائيلى من اقتحام جنوب القطاع وقصفه، لم يأبه بالقصف ولا الاغتيالات الإسرائيلية واقتحام المستشفيات أو قصفها، استمر فى عمله بشجاعة منقطعة النظر.
• رغم ما أصاب القطاع الطبى فى غزة أثناء العدوان الإسرائيلى من تردٍ فى كل شىء نتيجة الحصار الخانق للقطاع، ومنع إسرائيل لكل المستلزمات الطبية والجراحية والأدوية، إلا أن بطل البالطو الأبيض د/ محمد الطاهر استطاع إعادة زرع ذراع طفلة فى التاسعة من عمرها نتيجة قصف الاحتلال لمنطقة دير البلح وسط غزة، فقد طلب إحضار الجزء المبتور الذى ظل تحت الركام ثلاثة أيام وتأكد من إمكانية إعادته وأجرى للطفلة جراحة معقدة ونادرة فى ظروف بالغة التعقيد وبإمكانيات أقل من المطلوب ونجح فى زرع الجزء المبتور ووصله مرة أخرى بالذراع.
• لم يستطع سكان غزة الاحتفاء به أثناء المعارك ولكنهم فعلوا ذلك ممتنين بعد وقف إطلاق النار، أبى أن يغادر غزة حتى فرح معهم ووقف بينهم مشاركًا، وقال: ذكرياتى مملوءة بالأحزان والآلام، ولكنى فرح جدًا أن أشهد فرحة أهل غزة.
• كان يستقبل حالات الإصابات الجسيمة والوفيات بالمستشفى وله صورة مشهورة وهو يحمل طفلاً ميتًا فهتف بكل مشاعره: حسبى الله ونعم الوكيل.
• قال قبل المغادرة: أنا سأغادر لأرى والدتى وقد استأذنتها قبل ذلك لعلاج بعض الحالات الصعبة وتأخرت عن موعدى معها وأذنت لى بذلك قائلة: هؤلاء الأبطال الجرحى أهم.
• حينما عاد إلى بريطانيا وجد العشرات من أسرته وأصدقائه يستقبلونه فى المطار، انحنى على والدته يقبِّل رأسها ثم رجليها، طوقوا صدره بعلم فلسطين وهم يهتفون فى مطار هيثرو «فلسطين حرة» باللغة الإنجليزية، وقف مبتسمًا يحيى عشرات المستقبلين سعيدًا بهذه الهتافات الجميلة.
• يكرر د/ محمد الطاهر: «أيامى فى غزة هى أجمل أيامى تعلمت منها الكثير، رأيت صمود وثبات وصبر هذا الشعب العظيم».
• ينحدر د/ محمد الطاهر، استشارى الجراحة الميكروسكوبية والحوادث فى الطرف العلوى، -البريطانى الجنسية- من أصول عراقية من مدينة النجف وهو يجيد العربية والإنجليزية إجادة تامة، ويعد نموذجا رائعا للطبيب المسلم والعربى والإنسان فهو يعطى بغير حساب، ويقتحم المخاطر لعلاج مرضاه، يذهب إلى غزة فى أشق وأصعب وأخطر أيامها، لم يكترث بالقصف الإسرائيلى المتكرر.
• لقد انتصر البالطو الأبيض فى غزة مرارا على الدبابة الحمقاء، تحية للأطباء فى كل دروب العطاء والتضحية، تحية للدكتور محمد الطاهر.