الولاء للجامعة وليس للجماعة - ابراهيم عرفات - بوابة الشروق
الجمعة 27 سبتمبر 2024 8:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الولاء للجامعة وليس للجماعة

نشر فى : الأربعاء 7 سبتمبر 2011 - 1:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 7 سبتمبر 2011 - 1:20 م

ليس لدى إحصاءات وإنما ما يكفى من مشاهدات تؤكد أن أكثرية أساتذة الجامعات المصرية ما زالوا مهنيين وليسوا مسيسين. خذ أكثر أقسام الجامعات المصرية تسييسا: قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة. فأكثر الأساتذة فيه ليس لهم انتماء حزبى أو نشاط سياسى، ومعظم من له منهم دور عام يكرسه فى مجالات مثل الكتابة الصحفية والإعلام المرئى.

 

لا أخطئ لو قلت إن هذا هو حال غالبية أعضاء هيئات التدريس فى مختلف الكليات والجامعات. فبرغم صور الفساد والإهمال التى تناولها الأستاذ فاروق جويدة فى مقاله بالشروق يوم الاثنين الماضى، لا يزال ولاء معظم أساتذة الجامعات المصرية للمهنة. قد يكون ضعيفا أحيانا لكنه يبقى للمهنة. ولاؤهم للجامعة وليس للجماعة سواء كانت الإخوان أو غيرها. 

 

ولا يعنى هذا أن انتخابات القيادات الجامعية ستمر بلا عقبات أو لن يليها عواقب. ستكون هناك عقبات وستكون هناك عواقب.

 

فالجامعات المصرية منذ نشأتها وهى تصارع لتحمى نفسها. الكثرة فيها يريدونها مستقلة، ولاء كل من فيها لها وحدها. لكن لأكثر من نصف قرن كانت الطبقة السياسية تستغل قلة من الأساتذة لتقفز بالسياسة من خارج الأسوار إلى حرم الجامعة. والآن وبعد ثورة يناير عاد الأمل فى تنصيب قيادات جامعية ولاؤها الأول والأخير للجامعة ليسوا وكلاء عن حزب أو مندوبين لجماعة. قيادات تستطيع بشخصياتها القوية أن تحول دون استعمال الجامعة كساحة صراع سياسى ينسيها هويتها ويبعدها عن دورها.

 

ولا أدرى إن كان قدر أم قصد أن تأتى الانتخابات الجامعية قبل غيرها وكأن الجامعة «فأر تجارب» للديمقراطية المصرية الوليدة. ولكن لِما لا وما الخوف من ذلك وهى حاضنة للعلماء والمثقفين ولا ينتظر من أساتذتها مهما احتدوا أن يهبطوا بتجربتهم الانتخابية إلى تلك الصور السيئة التى نراها فى انتخابات أخرى نقابية وبرلمانية. فالبدء بالانتخابات الجامعية هو البدء بالأسهل.

 

ومع هذا علينا أن نتوقع بعض المظاهر السلبية لسببين. أولهما أنها أول انتخابات منذ مدة طويلة عششت فيها فلسفة إسناد المناصب الجامعية بالأمر المباشر فى عقول كثير من أعضاء هيئة التدريس، ما يقلل من استعداد بعضهم للقبول بالمنافسة المفتوحة. والسبب الثانى أن الطريقة المقررة للانتخابات فيها تفاصيل قد تخلق مشكلات بدلا من أن تقدم حلولا. خذ مثلا انتخاب عمداء الكليات. فالمقترح أن تستغرق ما بين فتح باب الترشيح حتى إعلان النتائج ما لا يقل عن أسبوعين يتخللها ندوات للمتنافسين لمدة ٥ أيام. فإذا كان انتخاب عميد لكلية سيستغرق كل هذه المدة ويتضمن عقد ندوات قد لا يكون الإعلام بعيد عن بعضها، فإن المنافسة قد تحتدم لأسباب لا علاقة لها بالشئون الأكاديمية وإنما لاعتبارات خاصة بالوجاهة الإعلامية كما قد يفتح طول مدتها الباب لتدخل حزب أو جماعة لمساعدة مرشح ضد آخر، خاصة وأن الثقافة القديمة التى اعتادت التدخل فى الجامعة لن تتبدل هكذا بسهولة.

 

وليس للجامعة طوق نجاة تحمى نفسها به من شرور السياسة إلا ولاء أساتذتها لها. سيحاول أهل السياسة استغلال امتداداتهم فى الجامعة لخدمة ذلك الحزب أو تلك الجماعة. سيسعون «لاستنخاب» أسماء بعينها فى مواقع جامعية بعينها. ولهذا فعلى كل من كان ولاؤه للجامعة أن ينتبه. فلكى ترتقى الجامعة بعد كبوة طويلة لا يجب أن يُنتخب من يأتمر بأمر حزب أو يتبرك بجماعة وإنما من يتمتع بالكفاءة والحيدة، ويا حبذا لو لم يكن له أية انتماءات سياسية. ولو كان فليكن ممن يشهد لهم بالقدرة على فصل الوظيفة الجامعية عن الانتماء السياسى. ليكن لكل أستاذ خارج الجامعة ميوله لكن داخل أسوارها فلا ولاء إلا لها. وهذا ليس تيها أو استعلاء وإنما احتراما لمؤسسة من مصلحة الوطن أن يبقى الجميع عليها مستقلة. 

 

ابراهيم عرفات أستاذ العلوم السياسية في جامعتي قطر والقاهرة
التعليقات