مضحك ومسلى ولذيذ، هذا الإصرار على التهتهة والتأتأة من جانب رئيس تحرير «المصرى اليوم» وهو يحاول أن يدافع عن فضيحة الحوار «العمومى» بحضور الصحفى الإسرائيلى مع أوباما.
فى بداية الأمر خرج مجدى الجلاد رافعا رايات الانتصار مدعيا الانفراد بحوار خاص مع الرئيس الأمريكى، حتى بدا وكأن أوباما اختار القاهرة لإلقاء خطابه لا لشىء إلا لأنها قاهرة الجلاد وليست قاهرة الأزهر والمعز.
وحين قلنا وقال غيرنا إن الحوار الخاص ليس خاصا، بل إنه عام وعام جدا لدرجة «العمومى» استجمع الذى جاء من أجله أوباما قدراته على التمثيل فحاول أن يلعب دور «الضحية» بدلا من «الجلاد» وملأ الدنيا صخبا صبيانيا فى مناورة مكشوفة للايحاء بأنه يواجه انتقادات لأن أوباما اختاره دونا عن كل الناس، بل ولم يتورع أن يختطف النقاش إلى عشوائيات اللغة وخرائب السفسطة.
من ذلك مثلا أن الأخ ضحية انتفاخه الكاذب اعتبر أن انتقاد المشاركة فى لقاء ضيق مع صحفى صهيونى ليس إلا نوعا من الغيرة والحقد المهنى على نبوغ وتفرد عظمته.. أيضا رأى الأخ المصاب بتضخم خطير فى الذات أنه يعاقب لأنه الوحيد الذى اصطفته السفارة الأمريكية، بعد أن هيأته وصنعته على عينها، لكى يقابل الرئيس الجديد، إلى الحد الذى زعم فيه بتطاوس شديد أن أيا من الصحف المصرية الأخرى لم تكن مدعوة، وأن أستاذه فهمى هويدى كان مدعوا بشخصه، وليس ممثلا لـ«الشروق»، إلى آخر هذا الطنين الذى لا يهدف إلا إلى صرف الناس عن القضية الحقيقية، وهى مجالسة الإسرائيلى فى لقاء دافئ وحميم على شرف الأمريكى.
ثم.. ومع تصاعد الانتقادات ظهر تناقض الجلاد مع الضحية، فقال الأخير إن الحوار لم يكن خاصا، بل وقارن بينه وبين مؤتمرات صحفية تعقد فى القاهرة ويحضرها صحفيون مصريون رغم وجود إسرائيليين، وهذا نوع من «الفهلوة» و«الشطارة» لا ينطلى على الأحد، لأن فرقا هناك بين لقاء خاص يحضره سبعة أشخاص بدعوات سرية وخاصة، وبين مؤتمر صحفى يذاع على الهواء مباشرة وعلى أوسع نطاق، ويفرض على من يحضرونه فرضا.
على أن الأمر لا يخلو من طرائف أخرى، منها مثلا أن الأخ الذى لايزال فى مرحلة الطفولة النقابية، حيث لا يزيد عمر عضويته فى نقابة الصحفيين عن 9 سنوات، لا يتورع عن محاولة ارتداء زى الكبار ويتحدث باعتباره الممثل لمهنة الصحافة فى مصر، وهو بالفعل ممثل، لكنه ردئ حتى وإن حاول لعب أدوار ستيفان روستى فى كلاسيكيات السينما المصرية، مع الاعتذار طبعا لاستيفان روستى لفارق الموهبة والحضور وخفة الدم، حتى وهو يقدم أدوار الشر.
ويبدو الأمر مضحكا للغاية وهو ينتحل شخصية الكبير بينما يرتدى جلبابا واسعا وفضفاضا وطويلا على نحو يجعله يترجرج فيه ويكاد يسقط نتيجة تعثره فى طرف الجلباب الذى لم يصنع على مقاسه.
غير أن المسألة تدعو أيضا للإعجاب، فأن يمتلك شخص كل هذه الجرأة على التسلق والقفز وادعاء البطولة، فهذه مهارة لا شك أنها لا تتوفر لكثيرين، ويروى أنه «كمن» فى حقول القصب عند الزيارة الشهيرة لمادلين أولبرايت لمقر صحيفته، وكان فى ذلك الوقت أحد معاونى رئيس تحريرها، وما أن اشتم رائحة فراغ فى قيادة الصحيفة حتى خرج من مكمنه عارضا خدماته واستعداده لتوصيل الطلبات والرسائل إلى من يهمه الأمر، وبسعر أقل.. فكيف لا يكون أحد المصطفين من السفارة لمقابلة أوباما؟