الإدمان الرقمى يمنعنا من قراءة الكتب - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:51 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإدمان الرقمى يمنعنا من قراءة الكتب

نشر فى : الجمعة 8 أغسطس 2014 - 7:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 8 أغسطس 2014 - 7:45 ص

نشرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور مقالا للكاتب جيم سوليش يتحدث عن سيطرة العالم الرقمى على النظام العالمى وعواقب ذلك خاصة على القراءة. يقول الكاتب فى بداية مقاله؛ إنه فى الثوانى القليلة التالية سوف يغريك شىء بالابتعاد عن هذا المقال: نص وارد، أو بريد إلكترونى، أو عنوان أكثر جاذبية على هذه الصفحة. ولمن سوف يستسلمون لأحد مشتتات الانتباه هذه أقول: أودعكم وآمل أن نلتقى مرة أخرى على تويتر، الذى صُمم بشكل مثالى ليلائم ثقافتنا الجديدة الخاصة بالمقاطعة. وبالنسبة لهؤلاء منكم الذين راجعوا للتو بريدهم الإلكترونى أو صفحتهم على الإنستجرام ثم عادوا إلى هذا المقال: مرحبا بعودتكم. أنا لست مستاء. فهذا هو النظام العالمى الجديد.

الموظفون يقاطعون عملهم. أو يقاطعون أنفسهم. بشدة كل ثلاث دقائق كما تشير إحدى الدراسات الحديثة. ويمكن أن يستغرق الأمر حوالى 23 دقيقة كى يعود الموظف إلى العمل الأصلى. وهذا طبقا لما جاء فى مقال فى وول ستريت جورنال مرجعه كتاب لجلوريا مارك أستاذة المعلوماتية بجامعة كاليفورنيا بإيرفين التى تدرس التشتيت الرقمى. أنا لست بارعا فى الرياضيات لكن ألا يعنى هذا أن موظف المكتب النمطى لا يعود إلى عمله الأصلى أبدا؟

•••

وأشار الكاتب إلى دراسة وردت على موقع NBCnews.com عن الشباب اليافعين فى بيئاتهم الطبيعية الخاصة أى غرف الدراسة والمكتبة وطاولة المطبخ. فقد طُلِب منهم القيام بعمل مدرسى مهم لمدة 15 دقيقة. وعلى الرغم من أن الطلاب كانوا يعلمون أنهم مراقبون، فلم تكن تمر دقيقتان دون الكتابة على صفحات الإعلام الاجتماعى أو مراجعنها.

لكن ليس هذا أمرا خاصا باختلاف الأجيال. فأكثر من 60 بالمائة من البالغين لديهم تليفونات ذكية، وهو ما يعنى أن معظمنا نحول أنفسنا طواعية إلى كلاب بافلوف، حيث نكون متوترين ومشتتين انتظارا للمثيرات التالية. وأنا أرى أشخاصا من كل الأعمار حولى يهجرون اللحظة، التى يعيشونها بحثا عن شىء أفضل. ونحن نفعل ذلك فى الاجتماعات وأثناء المحادثات مع أزواجنا وزوجاتنا أو أطفالنا، وفى المطاعم ومباريات البيسبول. وأنا لا أشير إلى ذلك فحسب، بل أفعله كذلك. فمن المستحيل ألا أفعله.

•••

وذكر الكاتب أن صديقا له يدعى كيفين، كاتب ومخرج سينمائى فى الأربعينيات، فعل مؤخرا شيئا بشأن كل التشتت الرقمى فى حياته. إذ تخلى عن تليفونه «آيفون 5» وحصل على تليفون بسيط من ذلك النوع الذى يُطوى. وخلال أيام كان رجلا جديدا. وهو يقول إنه أصبح أكثر تركيزا وأكثر إبداعا وأكثر هدوءا وأكثر سعادة. كما يقول إنه أصبح قادرا على أن يقرأ الكتب من جديد.

ربما يكون كيفين واحدا من بضع أشخاص يعودون إلى التليفون القابل للطى، لكنه ليس أول شخص يتساءل إن كان قد فقد قدرته على قراءة الكتب أم لا. فقد بدا نيكولاس كار كتابة «المياه الضحلة: ما تفعله الإنترنت لمخنا» بعد أن أدرك أنه لم يعد يمكنه التركيز لفترة طويلة كافية للاشتباك مع كتاب ما. واضطرت ماريان وولف، اختصاصية الأعصاب فى جامعة تافتس وواحدة من خبراء العالم البارزين فى دراسة القراءة، أن تعوِّد نفسها من جديد على قراءة الروايات الطويلة. وهى تتحدث فى مقال بالواشنطن بوست عن عدم قدرتها على تجاوز الصفحة الأولى من رواية لهيرمان هيسه. وقد أمضت أسبوعين مبتعدة عن الإنترنت كى تساعد نفسها على استعادة تركيزها المعرفى الضرورى للقراءة.

وأضاف سوليش؛ إذا كان هؤلاء العمالقة لديهم مشكلة فى القراءة، فماذا تظن حال ابنك الشاب اليافع؟ ليس جيدا جدا طبقا لاستطلاع جديد أجرته كومون سنس ميديا وجد أن عدد اليافعين الذين لم يقرأوا قط (أو لم يكادوا) من أجل المتعة تضاعف ثلاث مرات خلال العقود الثلاثة الماضية. ويعترف حوالى نصف من هم فى السابعة عشرة بأنهم قرأوا من أجل المتعة مرة أو مرتين فحسب فى العام.

•••

وفى نهاية المقال رأى الكاتب أن القراءة ما زالت أفضل طريقة للاستغراق. وقد يؤيد البعض التأمل أو اليوجا، لكن القراءة هى النشاط الذى يأخذ بالكامل إلى خارج النفس. والروايات العظيمة تزيد قوانا اللافتة للنظر وتخفف قبضة الأنا. وأكد سوليش قائلا؛ عندما أدخل عقل شخصية مرسومة بعناية أتوقف عن انتقاد كل قشور حياتى العاطفية، لبعض الوقت على الأقل. وأنسى كل شىء عن العروض المقبلة، وأتوقف عن تسجيل النقاط، وأسترخى.

القراءة تعنى أن تعيش فى اللحظة وتهرب من الزمن فى آن واحد. إنها قريبة من الروحانية كما يمكن أن يشعر بعضنا. ولن يحدث ذلك إذا لم نتخل عن عدم التصديق وعن تليفوناتنا الذكية لبضع ساعات على الأقل يوميا.

التعليقات