** ماذا جرى لكرة القدم؟ هل زهق الناس منها لأسباب أو لسبب ما؟ ماذا جرى للعبة وللاهتمام بها محليا؟ لقد كانت مباريات المنتخب أو الفرق المصرية فى البطولات الإفريقية تظل حديث الساعة والدقيقة فى شارع الرأى العام وأوساط كرة القدم وجماهيرها، لماذا هذا الاستقبال البارد للانتصار الكبير الذى حققه منتخب مصر على تشاد؟ هل لأنه انتصار كبير على فريق ضعيف، هل لأنها كانت مباراة سهلة خالية من التحديات ومن الندية؟ ولماذا هذا الاهتمام المشحون بالحماس بالمباريات الأوروبية؟
** السؤال الأخير سبق أن أجبنا عنه عشرات المرات. فالمشهد الأوروبى كله له مذاقه وجماله، من حيث القوة، والحضور الجماهيرى والألوان والندية.. لكنه يختلف فى المنافسات الإفريقية خاصة فى تلك المرحلة.. نعم هى الحاسة السادسة عند الناس، هم مبدئيا يقيمون المباراة والمنافس والمستويات، ويصنعون علاقة متزايدة بين درجة الاهتمام ودرجة الصعوبة فى الاختبار. ولكنه بالطبع هو فوز كبير حققه المنتخب على تشاد، فخمسة أهداف تهز شباك المنافس تعنى أنها هزيمة ثقيلة فى كرة القدم، وقيمة هذا الفوز أنه خارج الأرض، وأنه منح المنتخب المركز الأول فى المجموعة الأولى متقدما على نيجيريا التى تعادلت سلبيا مع تنزانيا فى مفاجأة، وستكون نسبة التهديف عاملا مؤثرا فى حسم المنافسة مع النسور. فى ظل وجود جسرين وهما تشاد وتنزانيا على الرغم من تعادلها مع نيجيريا.
** كلمات وتصريحات لاعبى المنتخب بعد المباراة أجمعت على أن تعليمات كوبر الواضحة هى الشراسة فى الهجوم وتسجيل أكبر عدد من الأهداف. وأنه أدار اللقاء وفقا لهذا المفهوم (بالقطع كوبر لم يطالب لاعبيه بالفوز نصا وصراحة وإلا سيكون من يفسر الماء بالماء) دون أن يسترخى بالتقدم بثلاثة، وتسلح المدرب الأرجنتينى بالشباب والحيوية وبسرعتهم، فكان كهربا من أهم وسائل نقل الكرة إلى ملعب المنافس، ونقل الهجوم إلى خلف خطوطه بسرعة انطلاقه، ومصاحبا له السريعان باسم مرسى، ومحمد صلاح. وقد أعاد المدرب عملية بناء الفريق والهبوط بمعدل الأعمار، ولفت الأنظار إلى أن اللاعبين لم تهدأ وتيرة هجماتهم، كما جرت العادة عبر أجيال سابقة.. والبناء والتجديد هما صيحة الفرق التى ترغب فى دخول دائرة القمة أو البقاء فى سياق الدائرة كما يفعل الألمان وهم أبطال العالم!
** من أغرب نتائج التصفيات هزيمة منتخب ليبيا أمام الرأس الأخضر فى القاهرة 2/1. فقد أهدر الفريق الليبى ركلتى جزاء وظل جمهوره يهتف: «ليبيا.. ليبيا»، وعجز عن ترجمة استحواذه على الكرة إلى أهداف، وظل جمهوره يهتف: «ليبيا.. ليبيا».. ولم يستغل تراجع مستوى الرأس الأخضر الذى بات يحتل صدارة المجموعة، وعندما تعادل صرخ جمهوره: «ليبيا.. ليبيا» ولكنها نتيجة غريبة لأن المباراة كادت تنتهى بالتعادل إلا أن راين منديش، مهاجم الرأس الأخضر سجل هدف الفوز فى الدقيقة الأخيرة.. لحظتها فقط سكت الهتاف لليبيا.. إلا أن الهتافات التى كانت لها طوال اللقاء تعكس ما فعلته كرة القدم فى الشعوب، فهى فى بعض الأحيان وبعض الأوقات تجعل الفريق وطنا أو تعبيرا عن الوطن فى قلوب مواطنيه لاسيما حين يكون الوطن فى لحظات خطر.