اليسار «المريض» - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:45 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اليسار «المريض»

نشر فى : الثلاثاء 8 ديسمبر 2015 - 12:50 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 8 ديسمبر 2015 - 12:50 ص
خرج اليسار من معركة انتخابات مجلس النواب شبه خالى الوفاض، ولم ينجح بكل فصائله وأحزابه فى اقتناص سوى عدد من المقاعد لا يتجاوز أصابع اليدين، وهو ما يطرح سؤالا عريضا عن أسباب هذا العجز الظاهر فى التواصل مع «الجماهير»، خاصة الفقراء منهم الذين طالما تغنى اليساريون بحقهم فى تمثيلهم؟!
قبل ثورة 25 يناير كانت الحجة فى عدم الوصول إلى الناس جاهزة: «النظام يضيق الخناق على العمل الجماهيرى عموما وعلى حركة اليسار خصوصا»، اليوم ربما يتهم البعض النظام الانتخابى تارة، والمال السياسى تارة أخرى، غير أن هذا البعض من قوى اليسار لا يمكن أن يتعلل بسد السلطة الطريق أمام الجادين فى الوصول إلى «الجماهير».
نامت غالبية قوى اليسار ورموزه فى العسل، واكتفى البعض برفع شعارات تسهل له الهروب، إلا من رحم ربى، من تحمل مسئولية التقاعس عن الوصول لـ«الجماهير» فى القرى والنجوع، رغم أن الخطاب اليسارى عن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، هو الأكثر تداولا بين الناس، والأكثر احتياجا له، حتى أن العناصر الأكثر عداء لـ«العدالة الاجتماعية» تتودد بها لكسب رضا الناخبين.
لم يتنبه اليسار وفى القلب منه الناصريون، إلى أن التفتت والانشقاقات والانسلاخات، وتورم ذوات البعض، سيأتى بهم إلى يوم الحساب الذى يظهر معه أن الاستكانة والاعتماد على حصد بعض المكاسب الوقتية، هنا وهناك، لن تنفع فى ستر العورات التى فضحتها العملية الانتخابية التى شارك الجميع فيها، ولم يعلن مقاطعته لها على حد علمى.
ألم يكن من الأجدى أن يركز اليسار فى الوصول إلى الناس وتبنى مطالبهم فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، من الدخول فى معارك جانبية، ودونكوشوتية، وتهويمات من بقايا الماضى القريب الذى فشل اليسار خلاله من تقديم البديل المناسب لقوى الظلام من ناحية، أو رجال نظام مبارك البائد من ناحية أخرى.
للأسف لا يزال البعض يعيد تدوير الأخطاء، فهذا مرشح لم يوفق سارع بصب جام غضبه على العملية الانتخابية برمتها، وهذا نصير للمرشح ذاته كان يقف إلى جواره فى الجولات الشعبية، يسخر من الشخصيات التى نفذت إلى البرلمان الجديد، ولم يسأل المرشح نفسه ولا نصيره، عن الأسباب الحقيقية لفشلهما فى كسب أصوات الناس، واكتفيا بالشكوى والأنين!!
أما كتاب اليسار، فبعضهم غارق لأذنيه فى خوض معارك وهمية، وحروب ليس من أجل الجماهير، بل لزيادة شهرته، ورفع أسهمه التجارية فى بورصة الكتابة الصحفية، فى وقت تلاشت الهوية اليسارية الحقيقية عن الكثيرين من رموزها بخفوت صوتهم فى الدفاع عن الفقراء، فيما تماهى البعض منهم مع الأطروحات الرأسمالية، ومصالح رجال الأعمال، وارتداء ثوب يمينى فضفاض من دون خجل أو وجل، والاكتفاء بغطاء رأس يسارى.
أما بعض الناصريين فقد كادت هويتهم تضيع فى معركة التطبيع مع العدو الصهيونى، بعد أن صمتوا فى أكثر من موقعة، بل إن عددا منهم غض الطرف عن التطبيع فى المؤسسات التى كانوا يقودونها، فهل يحق لهؤلاء الحديث باسم الناصرية؟!
هذا ليس نوعا من جلد الذات لليسار «المريض»، ولا للناصرية «المعوجة»، بمقدار ما هو مصارحة ومكاشفة، والاعتراف بالتقصير فى حق الجماهير التى تركت تواجه أصحاب المال السياسى، أو بقايا النظام القديم، بدلا من السعى إلى التوحد، أو على الأقل التنسيق فى المواقف، والخروج إلى الشارع لمواجهة رياح التغيير.
التعليقات