تباينت ردود الأفعال تجاه نتائج التحقيق الأمريكى الذى أجرى على الرصاصة التى اغتالت الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، مما أدى إلى تفجر الخلاف بين السلطة الفلسطينية من جانب والإدارة الأمريكية من جانب آخر... فيما يلى ما ورد فى بعض الصحف الإسرائيلية والعربية تعليقا على نتائج التحقيق.نشرت صحيفة
هاآرتس مقالا للكاتب عاموس هرئيل جاء فيه أنه بعد انتهاء التحقيق، الذى قام به خبراء جنائيون إسرائيليون تحت رقابة أمريكية، لم يتم التوصل إلى خلاصة واضحة بشأن من أطلق الرصاصة القاتلة. وقد شدّد التقرير الصادر عن الدولتين على عدة أمور؛ أنه لا يمكن التحديد بدقة من أى بندقية انطلقت الرصاصة، بسبب وضع الرصاصة ونوعية العلامات التى عليها.
وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية أقرّت بعدم التوصل إلى نتيجة حاسمة إلا أنها أضافت ملاحظتين: الأولى: تقدير المنسق الأمنى الأمريكى فى المنطقة باحتمال كبير فى أن تكون المراسلة قُتلت بنيران أُطلقت من المواقع الإسرائيلية. ثانيا: لا يوجد سبب للافتراض بأن إطلاق النار من الجانب الإسرائيلى كان متعمدا. الملاحظة الثانية أثارت غضب الكاتب جدعون ليفى
وكتب ساخرا: إن الرصاصة المتشظية التى أُخرجت من رأس أبو عاقلة همست فى أذن الولايات المتحدة أن مَن أطلق النار لم يفعل ذلك عمدا. وبناءً على ذلك، يمكن القول إن عملية الفحص التى جرت تعمدت مسبقا تحديد النيات، وليس عملية القتل ذاتها.
التقرير الصادر عن إسرائيل والولايات المتحدة دفع شبكة المنظمات الفلسطينية الأمريكية (PAON)، إلى وصفه بأنه « تقرير سياسى بامتياز»، وأكدت أن التقرير يمثل «تبرئة لجيش الاحتلال». كما طالبت الشبكة بوجوب محاسبة الجندى الذى أطلق النار على شيرين أبوعاقلة، ومسئوله الذى أعطاه الأوامر، وبتحقيق دولى محايد لا تشترك فيه إسرائيل أو الولايات المتحدة، حتى الوصول إلى نتائج مقنعة، وذلك وفقا لما جاء فى
مقال للكاتب أشرف الهور فى صحيفة القدس العربى.
على أى حال، اتفق الكاتب أشرف الهور مع الكاتبين عاموس هرئيل، وجدعون ليفى على أن إدارة بايدن سعت لإنهاء العمل على القضية قبل زيارة الرئيس للمنطقة الشهر الجارى. وأشار الهور فى مقاله إلى ردود الأفعال الفلسطينية تجاه نتائج التحقيق والتى جاء منها رد أحمد مجدلانى، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والوزير فى الحكومة الفلسطينية، والذى أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى من وراء نتائج التحقيق إلى «حجب الحقيقة ونشر التكهنات» حول حقيقة اغتيال الصحفية أبو عاقلة.
وأضاف مجدلانى فى ذات الوقت أن كل التحقيقات التى صدرت من مجلس حقوق الإنسان أو من مؤسسات إعلامية، حملت دولة الاحتلال المسئولية الكاملة عن اغتيال الصحفية أبو عاقلة.
فى ذات السياق، فجرت نتائج التحقيق الأمريكى خلافات داخلية فلسطينية. الناطق باسم حركة حماس عبداللطيف القانوع، انتقد تسليم السلطة الفلسطينية الرصاصة للجانب الأمريكى واصفا هذه الخطوة بأنها «خطيئة كبرى وتواطؤ تام مع قتلة شيرين ومساعدة لهم للتملص من المسئولية والتنصل من جريمتهم البشعة».
كما استهجنت حماس فى بيان أصدرته، النتائج الذى توصّل إليها فريق التحقيق الأمريكى، واعتبرتها «انحيازا فاضحا لرواية الاحتلال، واستهتارا بالدم الفلسطينى، وأكدت أن الاحتلال هو المسئول الأول والمباشر عن جريمة قتل الصحفية أبو عاقلة بشكلٍ متعمد»، وطالبت بفتح تحقيق دولى مستقل، ورفع القضية إلى محكمة الجنايات الدولية لكشف الحقيقة، ومعاقبة مرتكبى هذه الجريمة.
أما الكاتب نبيل عمرو فى
مقاله ــ المنشور على صحيفة القدس الفلسطينية ــ رأى أن السلطة الفلسطينية أصابت حين رفضت مشاركة إسرائيل فى لجنة تحقيق، وأصابت حين أدانت الجيش الإسرائيلى مباشرة فى قتل شيرين، وأصابت حين ذهبت إلى محكمة الجنايات الدولية، ولو بقيت عند هذه الإصابات لكسبت قضية شيرين، غير أن المبالغة فى إظهار «أمريكية شيرين» وهى الفلسطينية بالجملة والتفصيل وعمق الانتماء، انطوى على سطحية مفرطة فى السعى وراء موقف أمريكى يتطابق أو حتى يقترب من الموقف الفلسطينى فى إدانة الجيش الإسرائيلى، وهذا ما يمكن اعتباره أول المستحيلات حتى لو أدان عدد من أعضاء الكونجرس الواقعة، دون الإشارة المباشرة إلى أن الجيش الإسرائيلى هو من فعل ذلك.
وأضاف: أخطأت السلطة حين انساقت وراء الجهد الإسرائيلى المنسق مع الأمريكى لترجيح الجانب الجنائى على السياسى فى الواقعة، ولو أن السلطة استعادت وقائع مماثلة حدثت فى العديد من عمليات القتل الإسرائيلية من الدرة إلى غيره لما دخلت فى متاهات التحقيق الجنائى، لأن ذلك أفسح المجال أمام الرواية الإسرائيلية الكاذبة أساسا، ومنحها مزيدا من الوقت كى تعمم ادعاءاتها، وفى هذا المجال تملك إسرائيل إمكانيات دعائية متفوقة، فإن لم تكن قادرة على قلب الحقيقة فهى قادرة بالتأكيد على التشويش عليها.