ما معنى أن تكون الرجل الأكثر كرهًا فى إسرائيل؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 11:00 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما معنى أن تكون الرجل الأكثر كرهًا فى إسرائيل؟

نشر فى : الثلاثاء 9 سبتمبر 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 سبتمبر 2014 - 8:00 ص

نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية مقالا للكاتب جدعون ليفى يرد فيه على الانتقادات التى وجهت إليه لمجرد أنه أبدى استياءه من الصراع القائم بين إسرائيل وحماس، وتعاطف مع القتلى سواء فلسطينيين أم إسرائيليين. وكتب فى المقال يقول: منذ أربع سنوات، نشرت الصحيفة البريطانية «الإندبندنت» مقالة تحت عنوان «هل جيديون ليفى هو الرجل الأكثر كرها فى إسرائيل أم الأكثر بطولة؟» وكان السؤال لا أساس له. فلم أكن الأكثر كرها، ومن المؤكد أنى لم أكن الأكثر بطولة.

وفى صيف 2014 كانت الإجابة ستصبح أكثر إيجازا. فأنا الأكثر كرها، لا يسبقنى فى ذلك سوى خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس. وهذا ليس بالأمر السار، لكنه ليس رهيبا جدا، فى الوقت الراهن. ذلك أنه يجب ألا يصبح الراوى هو الخبر، فالصحفى دوما وسيلة وليس غاية.

ومع ذلك فمن المستحيل تجاهل هذا السؤال المزعج: كيف أصبح أحد الصحفيين. وهو ليس الأوسع قراءة والأكثر توزيعا. موضوعا لهذا الغضب والكراهية؟ كيف يمكن لمرآة مشروخة صغيرة، أو مصباح جيب صغير، إثارة مثل هذا الغضب؟ كيف حدث أن جعل صوت واحد هذا العدد الكبير من الإسرائيليين، من اليسار واليمين، ومن الشمال والجنوب، يفقد صوابه؟

يمكن أن يكون الحال هو أنه حتى آخر المثيرين للمشكلات أشخاص أصحاب مبادئ. فمن الواضح أنهم يشعرون كذلك بأن شيئا يحترق تحت أقدامهم، تحت سجادة التبريرات والدفاعات التى أعدوها لأنفسهم. وإلا فلماذا يستشيطون غضبا على هذا النحو؟ ولماذا لم يعودوا متأكدين أن آراءهم مبررة من الناحية الأخلاقية؟

الحقيقة هى أنى فخور جدا بما كتبت أثناء هذه الحرب البائسة وأشعر بالعار من الردود. التى قالت عن المجتمع الإسرائيلى أكثر مما قالته عن أى شىء كتبته. إنه مجتمع يحرم نفسه حتى الموت، ويهرب من الأخبار ويكذب على نفسه فى دعايته وكراهيته.

لم تصبنى أية حرب أخرى بالغثيان، فى كل يوم وكل ساعة، كما هو حال هذه الحرب. فقد تواردت على ذهنى صور غزة المرعبة. وهى فى الغالب لم تعرض فى الإعلام الإسرائيلى، الذى هو أكبر متواطئ تطوعى فى هذه الحرب. وظننت أنه من المستحيل ألا ترعبنى جرائم غزة، ذلك أنه من الطبيعى أن تعبر عن التعاطف مع سكانها، وأن تقول إن مقتل 2200 شخص أمر مثير للغضب. بغض النظر عما إذا كانوا فلسطينيين أم إسرائيليين. ظننت أنه من الطبيعى أن أشعر بالعار، وأنه من الضرورى أن نذكر أنفسنا بأن بعض الناس يتحملون مسئولية تلك الوحشية، وأن هؤلاء الناس ليسوا حماس وحدها، بل هم أولا وقبل كل شىء الإسرائيليون، وزعماؤهم، وقادتهم، وحتى طياروهم.

•••

وأوضح الكاتب أنه بالنسبة للإسرائيلى العادى، الذى أصبح معتادا على إلقاء اللوم على العرب والعالم كله فيما يتعلق بكل أخطاء بلده، كان ذلك تجاوزا، وبالذات فى زمن الحرب. وكنت أظن أن واجبى هو التعبير عن آرائى مباشرة، فى الوقت الحاسم. وكنت أعلم أنى لن أحدث فرقا، غير أنى شعرت بضرورة أن أقول ذلك. فالغالبية المطلقة من الإسرائيليين كانت ترى عكس ذلك. إذ كانوا يظنون أن المقارنة بين دم الإسرائيليين والفلسطينيين خطيئة. والشعور بالاستياء خيانة، والتعاطف هرطقة، وتحديد المسئولية جريمة لا تغتفر.

أضاف ليفى؛ أصدقائى الأعزاء: لقد أثبت التاريخ منذ زمن بعيد أن الأغلبية التى جرى غسل أدمغتها ليست على حق باستمرار، ومن المؤكد أنها ليست كذلك عندما تهجم الأقلية الضئيلة بهذا العدوان الشرس.

إنى أغطى الاحتلال الإسرائيلى منذ 30 عاما. ومن الممكن أنى رأيت الاحتلال أكثر من أى إسرائيلى آخر (باستثناء أميرة هاس). وهذه هى خطيئتى الأصلية. وهذا هو ما شكَّل وعيى أكثر من أى شىء آخر. وقد سمعت أكاذيب، ورأيت ظلما دائما نتيجة للغضب الصريح. وها هى الأكاذيب والظلم تصل إلى أشد حالاتها انحطاطا فى هذه الحرب الملعونة. وهذا ما كتبت عنها وما نقلته هاآرتس، وبالتالى أصبحت هدفا آخر للكراهية. ولم يكن ذلك حقنا فحسب، بل كان التزامنا المهنى.

النظرات الحاقدة فى الشارع، واللعنات والهجمات، لم تحدث فرقا. وهى لن تحدث فرقا فيما بعد. فاليمين البلطجى، والوسط اللامبالى المتواطئ بشكل واضح، وحتى ما يسمى باليسار، المغرور دائما الذى ادعى باستمرار أنى «أدمر اليسار»، قد انضموا جميعا إلى جوقة عالية الصوت، وهو ما يثبت أن الفرق بينهم أصغر مما كان يبدو. كان هناك ما يكفى من الأشخاص الذين كتبوا أو تحدثوا، على نحو مثير للغثيان، عن حق إسرائيل فى دخول أراضى الآخرين، الذى هو باستمرار حق مطلق، وعن الضحية اليهودية، التى هى الضحية الوحيدة فى العالم. لقد أردت أن أقول شيئا آخر كذلك. وغالبا ما كان يجن جنون رأى الأغلبية. واختتم يفى مقاله قائلا؛ لذلك فليغضبوا، وليكرهونى، وليهاجمونى، ولينبذونى. فسوف أظل أفعل ما أراه بغض النظر عما يقوله الآخرون.

التعليقات