من هم الرابحون والخاسرون من سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد الذى انتهى نظامه صباح أمس الأول الأحد وغادر البلاد إلى روسيا، فى حين نجحت فصائل وميليشيات مسلحة فى السيطرة على غالبية المدن الأساسية خصوصا دمشق فى وقت قياسى لم يتجاوز عشرة أيام؟
سنبدأ بمعسكر الخاسرين، وطبعا فإن الخاسر الأعظم هو نظام بشار الأسد، ويضم الرئيس وأسرته وكبار أركان نظامه، مصير هؤلاء سيكون إما الهرب للخارج وإما المحاكمة والسجن، وإما الانزواء.
الخاسر الثانى هو إيران، هى استثمرت بصورة واضحة فى النظام السورى لسنوات طويلة، بل وحاربت بجنودها لمنع سقوطه كثيرا بعد انتفاضة مارس 2011.
سقوط الأسد يعنى ضربة استراتيجية كبرى لإيران وكل أذرعها فى المنطقة. السقوط سيقلل من النفوذ الإيرانى فى المنطقة. وقد يغرى إسرائيل بتوجيه ضربات قوية لكل من الحشد الشعبى فى العراق والحوثيين فى اليمن، حتى تتمكن من توجيه ضربة كبرى للهدف الأهم وهو البرنامج النووى الإيرانى إذا حصلت تل أبيب على الضوء الأخضر الأمريكى.
ويقودنا ذلك إلى الخاسر الثالث وهو حزب الله، فسقوط الأسد يعنى عمليا أن طريق الإمدادات البرى من طهران إلى بيروت مرورا ببغداد ودمشق قد انقطع تماما. وبما أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير على الجبهة اللبنانية يمنع دخول أى أسلحة إلا للجيش الحكومى، فمعنى ذلك أن حزب الله سيجد نفسه محاصرا طوال الوقت، ليس عسكريا فقط بل وسياسيا أيضا خصوصا لسرعة انتخاب رئيس للجمهورية قد لا يكون هو المرشح الأساسى للحزب.
الخاسر الرابع هو روسيا.. هى خسرت حليفا مهما هو سوريا، وخسرت قواعدها العسكرية فى سواحل سوريا شرق المتوسط بعد ان استثمرت كثيرا فى نظام الأسد، ومنعت سقوطه حينما أرسلت جنودها ومقاتلاتها لضرب التنظيمات المسلحة والميليشيات الإرهابية.
هؤلاء هم أبرز الخاسرين، فماذا عن الرابحين؟
أول الرابحين بالطبع هم التنظيمات المسلحة والميليشيات الإرهابية وهؤلاء بعد أن كانوا مشردين ومحاصرين فى إدلب، سيجدون أنفسهم يحكمون سوريا، لكن نحن هنا نتحدث عن مكسب مؤقت لأننا لا نعرف هل يتمكن هؤلاء من الحكم ، أم سيتصرفون كما تصرفت كل الجماعات المماثلة لهم فكرا ومنهجا، حينما تقاتلوا وسجلوا فشلا ذريعا فى الحكم مما أدخل بلادهم فى دوامات الدول الفاشلة.
ثانى الرابحين ويحتار المرء هل يكون تركيا أم إسرائيل؟! عموما سوف أختار تركيا، فهى الراعى الرسمى والممول الأساسى لهيئة تحرير أو تنظيم الشام، وهى الدولة التى استضافت 3 ملايين لاجئ، سوف يعود غالبيتهم لبلدهم، لأن منطق لجوئهم قد انتهى وهو سقوط النظام. تركيا ستكون اللاعب الأساسى فى سوريا خلال الفترة المقبلة. وستحاول توجيه ضربات قوية للقوى الكردية المناوئة لها سواء بواسطة جيشها أو القوى الجديدة.
ثالث الرابحين هو إسرائيل، صحيح أن النظام السورى السابق لم يوجه رصاصة واحدة ضد إسرائيل منذ زمن، لكنه على الأقل كان يقدم دعما متنوعا لكل القوى التى تحارب إسرائيل وتستنزفها، وبالتالى سوف تتخلص إسرائيل من هذا الصداع، والأهم أن الإمدادات التى كانت تأتى من إيران وغيرها لحزب الله تعرضت لضربة موجعة جدا، وقد نكتشف قريبا أن إسرائيل ربما تكون تعاونت مع الجماعات المسلحة التى أسقطت الأسد. ثم إن إسرائيل استغلت حالة الفوضى السورية يوم الأحد الماضى، وقامت بالاستيلاء على مساحات واسعة من المنطقة العازلة فى الجولان السورى المحتل، وواصلت توجيه ضربات للمقدرات العسكرية السورية حتى بعد سقوط النظام لأن هدفها الأساسى هو إضعاف البلد كله وليس فقط النظام.
الرابح الرابع هو الولايات المتحدة، التى كانت ترى فى الأسد شوكة فى أهدافها، إضافة إلى أن خصومها وهم روسيا وإيران، خسروا حليفا مهما فى رقعة الصراع، وكل خسارة لهما تصب فى مصلحة الولايات المتحدة.
قد يسأل البعض ويقول، ولماذا لم نتحدث عن الشعب السورى وموقعه من الإعراب فى جملة المكاسب والخسائر؟!
إجابة هذا السؤال سوف تتحدد على طبيعة الحكم فى الفترة المقبلة، هل تنجح هذه التنظيمات المتطرفة والإرهابية فى التحول إلى قوى مدنية حقيقية وتسلم أسلحتها لجيش موحد، أم يتم استنساخ النموذج الليبى ، وبالتالى يدفع الشعب السورى الثمن مرة أخرى.