ما المطلوب من القمة الاستثنائية العربية؟ - ناصيف حتى - بوابة الشروق
الثلاثاء 11 فبراير 2025 5:33 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ما المطلوب من القمة الاستثنائية العربية؟

نشر فى : الإثنين 10 فبراير 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الإثنين 10 فبراير 2025 - 7:20 م

تأتى القمة العربية الاستثنائية فى يوم ٢٧ من هذا الشهر، التى دعت إليها مصر بالتنسيق والتشاور مع الدول العربية بهدف اتخاذ موقف ضد سياسة التهجير التى تتبعها إسرائيل فى قطاع غزة. السياسة التى تشجع عليها تصريحات الرئيس ترامب غداة عودته إلى البيت الأبيض. أخطر ما فى كلام الرئيس الأمريكى حول الهجرة المؤقتة أو الدائمة إلى دول الجوار أو دول أخرى فى العالم التعامل مع القضية ليس باعتبارها تتعلق بطرد شعب من أرضه وتكريس وشرعنة احتلال تلك الأرض من طرف إسرائيل، بل اعتبار سكان غزة وكأنهم «لاجئون غير قانونيين» أيضا إلى أرض الغير، أرض إسرائيل، التى هى بحاجة للتوسع بسبب «جغرافيتها الضيقة»، وليسوا مواطنين يعيشون فى وطنهم تحت الاحتلال المستمر بأشكال مختلفة. وتأتى القمة قبل أربعة أشهر من انعقاد المؤتمر الدولى فى نيويورك فى مطلع يونيو القادم بمبادرة وبرعاية سعودية فرنسية بهدف تحقيق حل الدولتين والتوصل للسلام. لن تكفى دبلوماسية المواقف، مواقف الاستنكار والإدانة والتحذير، رغم ضرورة ذلك لإطلاق مسار دبلوماسى سياسى فى الطريق إلى مؤتمر نيويورك. المؤتمر الذى يفترض أن يشكل محطة أساسية فى مسار ليس بالسهل لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم. نتطلع لأن تصدر عن القمة خطة عمل أولا للدفع نحو وقف القتال كليا وبلورة خطة عمل عربية مع تنسيق دولى لإعادة بناء قطاع غزة: خطة عمل تحمل جوانب سياسية واقتصادية وتنموية وأمنية. وللتذكير فإن استمرار الحرب الإسرائيلية ولو بوتيرة منخفضة سواء فى قطاع غزة أو جنوب لبنان، وتحت عنوان الفترة المحددة والقابلة للتمديد كما نرى، قد تؤدى من جديد إلى عودة الحرب المفتوحة. المطلوب من القمة القادمة أيضا أن تعمل على بلورة خطة عمل للتحضير لمؤتمر نيويورك. خطة تقوم على تحرك عربى، ضمن صيغ مختلفة من المشاركة، للتواصل مع القوى الدولية الفاعلة والمؤثرة بغية إنجاح الأهداف التى تشكل عنوان مؤتمر نيويورك الدولى. المطلوب أيضا إطلاق عملية موازية لتلك التى أشرنا إليها: عملية تكون موازية للحراك الدبلوماسى المشار إليه تقوم بها أطراف «غير رسمية» من فكرية وسياسية عربية ودولية ضمن صيغ مختلفة لبلورة مقترحات وأفكار تساهم فى إنجاح الأهداف التى ينعقد لأجلها مؤتمر نيويورك. يندرج ذلك ضمن ما يعرف أيضا بالدبلوماسية العامة، أو دبلوماسية «المسار الثانى» فى الإطار الذى أشرنا إليه، والتى تكمل وتعزز الدبلوماسية الرسمية. هنالك الحاجة أن تصدر القمة القادمة خطة عمل لليوم التالى للقمة. خطة تطلق هذين المسارين المتكاملين، فى الطريق إلى نيويورك رغم قصر الوقت نسبيا، ولكن أيضا كما أشرنا سابقا لتكون نتائج كل من المسارين فى تكاملهما على «طاولة نيويورك». نحن نتحدث عن مسار تراكمى: فإن «ما بعد نيويورك» يتأثر بشكل كبير بما حصل من تحرك فى «الطريق إلى نيويورك».
درس لا بد من تذكره دائما فى هذا السياق، وهو أن سياسة بناء الجسور إلى منتصف النهر، أو سياسة المراحل غير المرتبطة فعليا بالالتزام الفعلى فيما يتعلق بالأهداف النهائية للمفاوضات، هى سياسة محكوم عليها بالفشل أو التهميش. وقد شاهدنا من دروس الماضى فى هذا الخصوص ما يتعلق بدبلوماسية النزاع العربى الإسرائيلى منذ مؤتمر مدريد للسلام وبعد ذلك المسار الذى أطلقه «إعلان أوسلو»، فأى مسار سينطلق غداة «نيويورك» والذى يجب أن تبدأ التهيئة له فى «القاهرة» يجب أن يلتزم عمليا بالوصول إلى حل الدولتين، أيا كانت المصاعب فى الطريق إلى ذلك، وتحقيق الأهداف التى تستند إلى قرارات الأمم المتحدة وبالأخص مجلس الأمن. ولا بد من التذكير أن مبادرة السلام العربية، مبادرة قمة بيروت فى العام ٢٠٠٢، يجب أن تشكل فعليا وعمليا المرجعية الأساسية للتحرك العربى المطلوب غداة قمة القاهرة فى الطريق إلى «نيويورك» وإلى «ما بعد نيويورك».

ناصيف حتى وزير خارجية لبنان الأسبق
التعليقات