بعد إعلان اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات الرئاسية تمديد أيام التصويت فى انتخابات الرئاسة 2014 لثلاثة أيام، وصدور قرار حكومى بمنح العاملين فى الدولة والقطاع الخاص إجازة رسمية، لتمكينهم من المشاركة فى «العرس الديموقراطى» الذى غاب عنه «المعازيم» فى اليومين الأول والثانى، خرجت جريدة «المصرى اليوم» بمناشيت صباح الأربعاء 28 مايو «الدولة تبحث عن صوت».
مانشيت «المصرى اليوم» لم يكن يصف حالة العزوف التى شهدتها لجان الانتخابات الرئاسية الماضية فقط، لكنه كان يشخص أيضا أعراض الارتباك الذى ضرب مؤسسات الدولة المختلفة، ودفع المسئولين إلى الإدلاء بتصريحات بدت فى مجملها محاولة لـ«شحاتة أصوات الناخبين».
كل التقارير المحايدة التى صدرت فى نهاية اليوم الأول للتصويت، أظهرت إحجام المصريين عن المشاركة فى انتخابات محسومة سلفا، وهو ما حول البرامج الفضائية المسائية إلى مندبة حقيقية، لدرجة أن أحد الفضائيين اتهم المصريين بـ«الخسة والندالة» لعدم نزولهم إلى طابور الانتخاب.
فى مساء اليوم الأول من تلك الانتخابات دارت ماكينة «قوم نادى على الصعيدى وابن أخوه البورسعيدى» على موجات الراديو ومحطات التلفزيون ومكبرات «التوك توك» فى المناطق الشعبية لحض الناس على المشاركة، لكن الشعب كان «ودن من طين وأخرى من عجين».
قبل غلق باب التصويت فى اليوم الأول للانتخابات صدرت تصريحات غير رسمية من قضاة تشير إلى أن نسبة المشاركة لم تتجاوز الـ6% فى بعض اللجان، وهو ما نفته اللجنة العليا فى تصريحات رسمية، إلا أن ذلك لم يمنع بعثات المراقبة الأجنبية من تسجيل عملية الغياب الجماعى للناخبين فى تقاريرها منتقدة قرار تمديد التصويت ليوم ثالث.
الصحف الأجنبية أشارت فى معظمها إلى «حالة الذعر» التى أصابت الحكومة المصرية من لجان الانتخاب الفارغة، وتحدثت معظم تغطياتها عن «كفاح الحكومة لرفع نسبة المشاركة التى خيبت ظن المرشح عبدالفتاح السيسى».
ولتفسير عزوف المواطنين عن المشاركة حينها خرجت تفسيرات خزعبلية من جهات رسمية، ففيما اعتبر محمد إبراهيم، وزير الداخلية آنذاك، أن «ارتفاع حرارة الجو، وصيام البعض احتفالا بذكرى الإسراء والمعراج» أثرا على نسبة المشاركة، أكد عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، أن «موسم زراعات المحاصيل الصيفية أثر على العملية الانتخابية فى يومها الأول».
هذا بعض مما جرى قبل نحو 4 سنوات، فالناخب المصرى لم يلبِ دعوة للمشاركة فى استحقاق يعلم أنه محسوم سلفا وأن صوته لن يغير فى المعادلة شيئا، فما بالك بعملية يعلم القاصى والدانى أنها مصنوعة من الألف إلى الياء، وأن درجة رداءة إخراجها أعجزت فرق «التطبيل» عن تسويقها.
قبل أيام أبدى الإعلامى عمرو أديب، تعجبه من حالة الهدوء التى تسود الشارع مع اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية، «باقى عشر أيام على الانتخابات ومحدش حاسس.. ماتش الأهلى كان له اهتماما أكبر».
وتساءل أديب، عن سبب عدم وجود جهود حزبية وشعبية ورسمية لتشجيع المواطنين على النزول للإدلاء بأصواتهم، مشيرا إلى أن تكلفة إجراء الانتخابات تبلغ مليار جنيه، وهو ما يستوجب ضرورة التوعية بشأن المشاركة.
وقال: «الوقت أزف.. لا أتحدث عن نتيجة ولكنى أعنى حضور الناس للتعبير عن أنفسهم، لا يوجد حوار داخل المجتمع فى هذا الأمر، لا فى الصحف ولا حتى فى الإذاعة»، مضيفا: «لا توجد دولة فى العالم يتبقى لها هذا الوقت على انتخابات رئاستها وتكون بهذا الهدوء».
الأستاذ عمرو محق، فلا توجد دولة فى العالم يتبقى لها هذا الوقت على انتخابات رئاستها وتكون بهذا الهدوء، لكن زميلنا يعلم أنه لا توجد دولة فى العالم جرى فيها ما جرى فى مصر من منع للمرشحين الجادين من خوض السباق الانتخابى واستدعاء لمرشح أعلن تأييده لمنافسه قبل أيام من إعلانه المشاركة فى الانتخابات.. لا يوجد دولة فى العالم لا يخرج فيها الرئيس المرشح ليتحدث مع ناخبيه فى مؤتمر عام أو حتى من خلال شاشة التلفزيون ليشرح مبررات قراراته فى فترته الأولى وبرنامجه الانتخابى الجديد لتحسين أوضاعهم فى الفترة التالية.. لا توجد دولة فى العالم تحاصر المجال العام وتغلق كل النوافذ وتتهم دعاة مقاطعة الانتخابات بالخيانة.