تناول موقع درج تصريحات وتصرفات الحكومة الإسرائيلية الجديدة المعادية لحقوق الشعب الفلسطينى، فشعارها هو التوسع فى الاستيطان بالقوة إذا تطلب الأمر مما ينذر بتفجر انتفاضة ثالثة للشعب الفلسطينى إزاء تلك الأفعال الصهيونية الغاشمة، وفى المقابل تكتفى الولايات المتحدة الأمريكية بالمراقبة وإطلاق التحذيرات فقط ضد أعمال حكومة نتنياهو.. نعرض فيما يلى ما ورد فى المقالين.
أشارت الكاتبة فايزة حسن فى مقال نشر لها على موقع درج إلى أن من أخطر ما تنوى حكومة اليمين الإسرائيلى الجديدة عمله هو التوسع أكثر فى سياسة الاستيطان وتقويض ما تبقى من أملاك وأراض فلسطينية.
ومن جانب الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلى عامر خليل أوضح لـ«درج» أن «حديث اليمين المتطرف والحكومة الإسرائيلية الجديدة عن الرغبة بالسيطرة على المزيد من المناطق الفلسطينية هو تم بالفعل منذ سنوات، من خلال سيطرة الحكومة شبه الكاملة على الضفة الغربية والقدس، إضافة إلى السيطرة على مناطق واسعة كالمنطقة المصنفة (ج) بالضفة الغربية».
ويضيف: «الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تريد فرض السيادة بشكل كامل على مناطق واسعة من الضفة الغربية والقدس من خلال تطبيق القوانين الإسرائيلية فيها، والبدء فى عملية ضم كامل وواسع للأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967 إلى دولة الكيان، من خلال تشريع المزيد من البؤر والمستوطنات الإسرائيلية، وإفراغ مناطق فلسطينية واسعة من سكانها».
وستشمل العقوبات الإسرائيلية أيضا الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة عام 1948 بحسب عامر، وذلك من خلال ملاحقتهم، عبر هدم البلدات الفلسطينية غير المعترف بها، وكذلك سحب الهويات الإسرائيلية من بعضهم، ومعاقبة كل من يحاول تقديم الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية، ناهيك بقانون إعدام الأسرى وفرض المزيد من التضييق فى المسجد الأقصى، وهى خطة متدحرجة سيتم تطبيقها لفرض نظام عنصرى أبرتهايد على أماكن وجود الفلسطينيين.
• • •
تفجير الأوضاع فى الضفة الغربية أو القدس وفى داخل الأراضى المحتلة عام 48، ولجوء القوات الإسرائيلية لاستخدام القوة العسكرية فى هذه المناطق، كل ذلك ينذر بإمكانية تدهور الوضع الأمنى، ما قد يعنى اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة.
فى هذا الإطار، يرى خليل أن «رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيكون فى وضع حرج جدا فى كيفية التعامل مع الوضع وتطبيق التفاهمات التى أبرمها مع شركائه من الأحزاب اليمينية المتطرفة، وهو ما قد يدفعه للمناورة ما بين مصالح دولته وتداعيات تنفيذ مثل هذه الاتفاقات، بحيث لن يكون هناك التزام من طرفه بتنفيذها بشكل كامل على أرض الواقع، وهو ما يهدد بحدوث انقسام فى داخل المجتمع الإسرائيلى».
ويعى نتنياهو تداعيات تأثير مواقفه من الضم وتغيير الوقائع على الأرض بالمسجد الأقصى على علاقاته الخارجية مع الولايات المتحدة، وفق عامر، والتى حذر وزير خارجيتها أنتونى بلينكن من خطورة قيام الحكومة الإسرائيلية الجديدة بإحداث أى تغييرات على الوضع القائم، الأمر الذى سيدفع نتنياهو للتهرب من تنفيذ جزء من هذه التفاهمات لتبعاتها السياسية التى ستتركها على دولة الاحتلال، وبالتالى إمكانية انسحاب الأحزاب الصهيونية الدينية من الحكومة وانهيارها.
ويلفت عامر: «الحكومة الإسرائيلية الجديدة بزعامة بنيامين نتنياهو تريد التفرغ للملف النووى الإيرانى، وكذلك ضم المملكة العربية السعودية لاتفاقية أبراهام، وبالتالى فهو لا يريد أن تعكر التفاهمات مع الأحزاب الصهيونية المتطرفة هذه التوجهات التى من شانها الإضرار بمصالح إسرائيل وتهديد أمنها».
• • •
«حزب الليكود» الذى يتزعّمه نتنياهو والذى فاز مع حلفائه فى الأحزاب الدينية المتشدّدة والأحزاب اليمينية المتطرّفة فى الانتخابات البرلمانية فى الأول من نوفمبر، قال فى بيان، إنّ للشعب اليهودى حقّا حصريا وغير قابل للتصرّف فى جميع أنحاء أرض إسرائيل.
وستشجّع الحكومة الاستيطان فى جميع أنحاء أرض إسرائيل ــ فى الجليل والنقب والجولان وفى يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة).
كذلك، أشار البيان إلى مطالبة الحلفاء من اليمين المتطرّف بمنح قوات الأمن هامش تحرك أكبر فى إطار استخدام القوة فى الضفة الغربية المحتلّة.
وجاء فى البيان أنّ «الحكومة ستعمل على تعزيز قوات الأمن ودعم المقاتلين والشرطة بهدف محاربة الإرهاب ودحره». وأشار حزب الليكود إلى القضايا الدينية، مؤكّدا أنّ «الوضع الراهن فى ما يتعلّق بمسائل الدين والدولة سيبقى كما هى منذ عقود فى إسرائيل، بما فى ذلك فى ما يتعلّق بالأماكن المقدّسة».
يقول الكاتب والمحلل السياسى عصمت منصور لـ«درج»: «الرغبة الإسرائيلية المتواصلة فى السيطرة وضم أراض فلسطينية هى سياسة قديمة جديدة انتهجتها حكومات إسرائيلية، إلا أن ما يميز الحكومة الصهيونية الجديدة هو رغبتها فى حسم موضوع الضفة الغربية، وتوسيع الاستيطان، وضم المزيد من الأراضى، فى ظل الأيديولوجيا والأجندة التى تحملها والتى تريد من ورائها ضم الضفة الغربية ومناطق (ج) لدولة الكيان».
ويضيف: «الحكومة المتطرفة الحالية تضع فى أولوياتها تعزيز المستوطنات وتوسيعها وتعميقها وتزويدها بالبنى التحتية اللازمة، وربطها بالجامعات والمراكز التراثية والحيوية، إذ يخطط اليمين المتطرف حاليا بقيادة نتنياهو لحسم المنطقة المسماة (ج) والتى تشكل 61 فى المائة من مساحة الضفة الغربية، وضمها بشكل صامت وليس معلنا، من خلال تخصيص مليار و600 مليون شيكل سنويا لفتح طرق وإنشاء بنى تحتية للمستوطنات فيها، لربطها بإسرائيل مستقبلا».
ستعزز التيارات المتشددة بإسرائيل نفوذها ببعض التشريعات والقوانين بما يتعلق بمكانة الدين بالدولة بحسب منصور، بحيث تكون هناك رغبة أكبر نحو التدين على حساب الهوية العلمانية والليبرالية بما يؤثر على هوية الدولة الصهيونية، «فى حين حققت الصهيونية الدينية والقومية والأحزاب الحريدية كل ما يرغبون به فى هذه الحكومة، وعززوا من نفوذهم لتحقيق برنامجهم بشكل كامل».
• • •
رغم تحذيرات الإدارة الأمريكية لكن ليس هناك ما يمنع فعليا حكومة اليمين الإسرائيلى من الاستمرار فى مخططاتها الاستعمارية. بحسب منصور فإن حكومة بايدن سترى ما ستقوم به هذه الحكومة وتراقب أفعالها على الأرض، «دول العالم ومن بينها الولايات المتحدة تميل دوما لإعطاء فرصة للحكومات الإسرائيلية سواء كانت يمينية أو ليبرالية للتغيير من سياساتها، ويفضلون عدم الدخول فى صدام مباشر معها، إلا أن ممارساتها المرفوضة على الأرض وتحديدا فى ظل توسع الاستيطان سيدخلها حتما فى صدام معها، وسيغير من آلية تعامل الحكومات الغربية معها».
محادثات السلام الإسرائيلية ــ الفلسطينية التى كانت تجرى بوساطة أمريكية كانت قد انهارت فى 2014، ويبدو أن إحياءها أمر مستبعد بعدما جعلت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نتنياهو المشهد أكثر قتامة مما هو عليه من وجهة النظر الفلسطينية.
وفى هذا الصدد، أشار موقع درج إلى رفض جامعة «هارفرد» زمالة المدير السابق لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، كينيث روث لمدرسة كينيدى التابعة لها ويتزامن ذلك مع على تعرض منظمات حقوق الإنسان للهجوم بسبب انتقاداتها لإسرائيل، وهو أمر تزايد فى السنوات الأخيرة مع تصاعد اليمين فى العالم عموما وفى إسرائيل خصوصا، ومع إحكام الحكومات الإسرائيلية قبضتها العنيفة، وتراجع احتمال قيام دولة فلسطينية مستقلة.
ونقلت مجلة «ذا نايشن» الأمريكية عن كاثرين سيكينك، أستاذة حقوق الإنسان فى مدرسة كينيدى، أن العميد أبلغها أن الوظيفة لن تمنح لروث لأن «هيومن رايتس ووتش» متحيزة ضد إسرائيل، ولأن روث كتب تغريدات تنتقد إسرائيل.
وأشارت المجلة إلى حضور وتأثير قويين لأجهزة الأمن القومى الأمريكى، وحليفتها إسرائيل فى مدرسة كينيدى، وإلى تعيين شخصيات عملت فى وزارة الدفاع الأمريكية، وفى أكبر شركات تصنيع الأسلحة فى أهم المناصب فيها.
وأكدت الصحيفة أن المدرسة تلقت ملايين الدولارات من داعمى إسرائيل، ومنهم الملياردير ليس ويكسنير الذى حرص على أن يقوم عناصر من الجيش الإسرائيلى والمخابرات الإسرائيلية بمتابعة دراستهم فى المدرسة.
وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد أصدرت تقريرا فى إبريل 2021 تحت عنوان: «تجاوزوا الحد.. السلطات الإسرائيلية وجريمتا الفصل العنصرى والاضطهاد».
وقالت المنظمة فى تقريرها إن السلطات الإسرائيلية تمارس الفصل العنصرى والاضطهاد، وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين، بحسب القانون الدولى وتعريفه، وشكل الاتهام سابقة، فهى المرة الأولى التى تدين فيها المنظمة السلطات الإسرائيلية بارتكاب الفصل العنصرى.
ووثق التقرير عمليات تمييز وفصل عنصرى ممنهج ضد الفلسطينيين على أساس انتمائهم، فى الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، وقدّم التقرير عددا من التوصيات للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولى، بضرورة إعادة النظر فى علاقتهم مع إسرائيل.
وأثار التقرير غضبا عارما فى الأوساط الإسرائيلية، وردت وزارة الخارجية الإسرائيلية عليه، ووصفته بـ«منشور دعائى لا يمت بصلة إلى الوقائع، وهو صادر عن منظمة تعتمد منذ وقت طويل أجندة معادية لإسرائيل».
من جهته، قال روث إن «إسرائيل هى واحدة من 100 دولة نغطيها. نحن عادلون وموضوعيون، لكننا نقديون. الحكومة الإسرائيلية تستحق الانتقاد، لأنها تصبح قمعية بشكل متزايد، وهى ترتكب جريمة الفصل العنصرى وجرائم ضد الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة».