لا أعلم ما هى مبررات رئيس محكمة جنايات القاهرة، لقبول استئناف معاون مباحث قسم الأميرية، المتهم بتعذيب وقتل المواطن مجدى مكين على قرار تجديد حبسه، إذ لم ينقل لنا زملاؤنا محررو الاقسام القضائية أسباب إخلاء سبيل المقدم كريم مجدى بكفالة ماليه قدرها 5 آلاف جنيه يوم الثلاثاء الماضى.
السند الوحيد لقبول استئناف المتهم بتعذيب المواطن مكين، أعلنه محاميه طارق جميل سعيد، الذى أشار إلى أنه دفع بـ«انعدام مبررات الحبس الاحتياطى أمام هيئة المحكمة».
لا تعليق على قرار القاضى الذى أخلى سبيل الضابط المتهم بالتعذيب والقتل والتزوير فى محضر الواقعة، فمن الوارد أن يكون ضمير القاضى اطمأن إلى ما دفعت به هيئة الدفاع، لكن السؤال: لماذا لم تصدر النيابة العامة بصفتها محامى الشعب حتى هذه اللحظة قرارا بإحالة القضية إلى «الجنايات» رغم تسلمها تقرير الطب الشرعى الذى أكد تعرض مكين للتعذيب.
النيابة استمعت أيضا إلى أقوال شهود الإثبات، وذكروا فيها أن المجنى عليه توفى نتيجة وقوف الضابط على ظهره، وهو ما توافق مع ما جاء فى تقرير الطب الشرعى الذى شرح أن الوقوف على ظهر الضحية «أحدث له صدمة عصبية فى الوصلات العصبية بالنخاع الشوكى، نتج عنه حدوث جلطات فى الرئتين، تسببت فى وفاته».
حادث تعذيب وقتل المواطن مجدى مكين مر عليه أكثر من أربع شهور، حاول فيه المتهم ومن يسانده التدخل لتغيير مسار القضية، مرة بتزوير محضر الواقعة وفق ما ورد فى تحقيقات النيابة، ومرة آخرى بالضغط على شهود الإثبات لتغيير أقوالهم، وثالثة بمحاولة إغراء أسرة المجنى عليه لقبول دية كبيرة وصلت إلى 450 ألف جينه.
قبل شهرين عرض صديقنا الإعلامى محمد العقبى، فى برنامج «من الآخر» الذى كان يقدمه على قناة روتانا مصرية، مقطع فيديو لنجل مجدى مكين، يتوعد فيه ضابط الشرطة كريم مجدى، قال فيه: «أنا مش هسيب حق أبويا، ومش ورايا حاجة أخاف عليها».
وأضاف نجل المجنى عليه، خلال الفيديو إنه ما زال يتخذ المسلك القانونى إلى الوقت الراهن لكنه لن يتنازل عن حق والده، حتى لو كان المقابل أن يفقد حياته هو الآخر، مضيفا «لو حدث تزوير، أنا عارف هعمل إيه كويس..وهناخد حقنا بايدينا».
هيئة دفاع المجنى عليه حاولت تدارك آثار الفيديو الذى انتشر بشكل واسع، واتهم نبيل عزمى، محامى أسرة مكين «أهل الشر» بإثارة القضية لاستخدامها ضد الرئيس عبدالفتاح السيسى وقال فى مداخلة هاتفية فى برنامج «90 دقيقة»، مع الإعلامى معتز الدمرداش، على قناة «المحور»، أن هناك ضباطا شرفاء كثيرين، ونحن واقفون مع الرئيس عبدالفتاح السيسى والدولة، وسنظل كذلك».
من الوارد أن يكون تهديد نجل مكين المكلوم وليد انفعال، لكن يجب أن يوضع فى الاعتبار أن هذا الشاب ذهب إلى مستشفى الزيتون ليتعرف على جثة والده قبل أربع شهور وعندما كشف عنها القماش الأبيض أصيب بصدمة نتيجة ما شاهده، «لقينا تورم فى وشه، كدمات فى صدره، وجرح كبير فى راسه.. وعندما قلبنا الجثة وجدنا ضهره مشوه لحد المقعدة، جزء من كيس الخصية مقطوع، فخده كأن حد سلخ اللحم، ولقينا طعنة فى فتحة الشرج منظرها مش طبيعى زى ما يكون تعرض لهتك عرضه»، قال الابن حينها لموقع مصراوى.
أسرة سائق الكارو المقتول بدم بارد مازالت تفتش عن حقوقها فى أروقة المحاكم وطرقات النيابات، وتنتظر من النيابة العامة بصفتها نائبة عنها وممثلة لمصالحها أن تحقق موجبات القانون وتصدر قرار بإحالة القضية إلى المحكمة حتى يتحقق العدل ويعاقب المتهم بالقانون.
نار المظلوم لن تبرد إلا بتحقيق العدالة، وأسرة مكين تنتظر قرار محامى الشعب، قبل أن يقع المحظور.