كلنا فى الهم أنثى - غادة عبد العال - بوابة الشروق
الخميس 19 ديسمبر 2024 12:51 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كلنا فى الهم أنثى

نشر فى : الأحد 11 أبريل 2010 - 9:52 ص | آخر تحديث : الأحد 11 أبريل 2010 - 9:52 ص

 حين يذكر لك أحدهم اسم «هولندا» ما هى أول صورة تخطر فى بالك؟.. طواحين الهواء.. زهور التيوليب.. السمن الهولندى.. هدف مجدى عبدالغنى اليتيم فى كأس العالم عام 90.. أم محمد هنيدى وهو يسرق البط فى «همام فى أمستردام» ؟.. إذا كانت هذه الصور هى ما تخطر فى بالك فأنت تتمتع بصفاء النية وقليل من السذاجة أشترك معك فى التمتع بهما..

إذ يبدو أن كلمة «هولندا» ترتبط فى ذهن الكثيرين بشيئين لا ثالث لهما «حشيش» و«فتيات الليل».. فهولندا من دول العالم القليلة التى تطبق قانونا لا يجرم تعاطى الحشيش ولا شراء ساعات المتعة من فتيات الليل..

وتشتهر أمستردام سياحيا بـ«منطقة الضوء الأحمر» التى تمتلئ ببائعات الهوى لدرجة أننى بمجرد أن أعلنت لأصدقائى أننى ذاهبة إلى هناك حتى انهالت علىّ النصائح بضرورة زيارة تلك المنطقة: لو ما روحتيش هتندمى دى تجربة لا تنسى! وأصرخ فى استنكار: قطع لسانك منك ليها، دى لما تنطبق السما ع الأرض.. ويشاء القدر أن نصل أمستردام وإذ الفندق اللى نزلنا فيه يقع تماما على طرف تلك المنطقة وكل مشوار تحب تروحه غالبا لازم تعدى لتشاهدهن.. فتيات فى العشرينات يقفن خلف زجاج الفتارين فى هدوء، يوزعن ابتسامة هنا وإشارة هناك.. يقفن فى ملابسهن التى تظهر أكثر مما تخفى..

لكن تصدق ما استغربتهمش.. بصراحة شكلهم ما يختلفش كتير عن أشكال بنات شفتهم قبل كده.. فى أول كليب أخرجه المبدع طارق العريان أو فى آخر روائع الكليبات العربية «العو» مرورا بالآنسة «رشا» فى كليبات تهامى ووديع.. لا أتهم موديلات تلك الكليبات بامتهان تلك المهنة لا سمح الله ولكن الشكل والملابس والصورة النهائية قريبة الشبه فى الحالتين.. أتعجب من وقوفهن خلف الفاترينة لأننى استخدمت تعبير «الفاترينة» فى كتاباتى عن حال الفتاة المصرية أكثر من مرة.. معظمنا يطلب منها الوقوف فى الفاترينة فى انتظار النصيب وصاحبه، تختلف النوايا بالطبع، لكنها تقريبا نفس الوقفة ونفس الانتظار والقواعد قريبة فى الحالتين (الغاوى ينقط بطاقيته والراجل ما يعيبوش إلا جيبه واللى يدفع أكتر يشيل)..

تحافظ فتيات الفتارين الهولنديات على رشاقتهن فهن يعرفن أن رشاقة أجسادهن ستكون سببا أساسيا فى جذب الزبون.. ترن فى أذنى جملة من حوار بين فتاتين فى المترو: «إنتى لازم تخسى شوية يا إما مش هتتجوزى.. لو جسمك حلو هو اللى هيجيبلك العريس»..

معظم فتيات الفتارين ذوات بشرة ناصعة البياض ويحرص أصحاب المحلات التى تحتوى على الفتارين فى اختيارهن أكثر بياضا لأن هذا هو ما يجذب السائحين.. ترن فى أذنى جملة أخرى قالها ابن عمى تعليقا على فتاة حاولت زوجة عمى تزويجها له: «هى كويسة بس غامقة قوى.. ما فيش واحدة أفتح شوية؟».. يمنع منعا باتا تصوير فتيات الفتارين ويعتبر ذلك تعديا على حريتهن الشخصية (آه والنعمة).. وتنتشر فى المنطقة لافتات تابعة لوزارة الداخلية تنصحهن بالاتصال بالشرطة فورا إذا تعرضن لأى عنف من الزبون..

أتذكر صديقتى ذهبت لتشكو زوجها فى قسم الشرطة بعد أن كسر لها ذراعها وبعد أن روت للضابط عذابها المستمر طوال 5 سنوات فما كان منه إلا أن نهرها واستدعى زوجها وقال له: « لو إنت راجل بجد كنت حكمتها ولمتها فى بيتها بدل ما تخرج تشتكيك فى الأقسام» وطبق الزوج هذه النصيحة فحبس صديقتى فى منزلها مع أولادها من يومها وحتى الآن..

الكثير من الفتيات خلف الفتارين يعملن رغما عن إرادتهن.. عصابات تهريب الرقيق الأبيض والقوادون يسيطرون عليهن ويبيعونهن لمن يدفع السعر الأعلى ولا يدعوا لهن مجالا للفرار.. وكم فتاة هنا تم تزويجها على غير إرادتها وكم عدد القرى التى تشتهر ببيع بناتها لأثرياء العرب المسنون بعقود زواج وهل تملك أى من تلك الفتيات الاعتراض؟ وأنا أمر سريعا من أمام الفتارين حريصة على عدم التدقيق خجلا وارتباكا.. لم أشعر بالتقزز من الفتيات خلف الفتارين.. بل شعرت بالشفقة لكل من تحمل تاء التأنيث.. تختلف المهنة والأصل واللغة والدين لكن فى النهاية كلنا فى الهم أنثى.

التعليقات