الضبابية وعدم اليقين حول السبب الحقيقى لظهور فيروس كورونا المستجد أو «كوفيدــ19»، وما إذا كان الأمر جاء طبيعيا أم بفعل فاعل، يبدو نتيجة طبيعية لاختلاف العلماء المعنيين بالأمراض والأوبئة من جهة، والصراعات السياسية التى مثلت الصين والولايات المتحدة قمتها من جهة ثانية، ولا أحد يدرى إلى أين ستقودنا فى المستقبل هذه الجائحة سواء بقيت مقيمة لسنوات، أو غادرت الديار البشرية فى المدى المنظور.
أفقد «كوفيد 19»، العلماء توازنهم، وأظهر قلة حيلتهم وهوانهم أمام فيروس «يموت بالماء والصابون» وهو التعبير الذى يسخر به رواد بمواقع التواصل الاجتماعى فى العالم من القائمين على مراكز أبحاث ومعامل ينفق عليها مليارات الدولارات سنويا، بلا قدرة على كبح انتشار كورونا حتى الآن.
حالة السخرية التى استهدفت العلماء العاجزين عن التوصل للطريقة الناجعة لوقف جائحة عالمية، حصدت مئات ألوف الأرواح، جاءت انعكاسا لتراكم سلسلة من الدراسات الأبحاث المتناقضة والمتعارضة التى تناولتها وسائل إعلامية مختلفة منسوبة للعالم الفلانى أو الخبير العلانى، أو لهذا المركز البحثى أو ذاك، فيما الناس تترقب انفراجة يبدو أنها ستطول كثيرا، بحسب بعض الباحثين أيضا.
فبعد اتهام الخفاش بأنه سبب البلاء الذى ألزم مليارات البشر بيوتهم، خوفا وخشية، وتحميله مسئولية الكارثة، قال باحثون صينيون، إن آكل النمل الحرشفى يعد عائلا وسيطا محتملا لكورونا، لكن باحثون أوروبيون شككوا فى دراسة جامعة جنوب الصين الزراعية التى قالت إن تسلسل الجينوم فى سلالة فيروس كورونا الذى استخلص من حيوان آكل النمل كان متطابقا بنسبة 99% مع السلالة التى رصدت فى البشر.
وقال مدير إدارة الطب البيطرى فى جامعة كمبردج جيمس وود، إن البحث ليس محكما، و«الأدلة على الضلوع المحتمل لآكل النمل الحرشفى فى التفشى لم تُنشر، باستثناء ما جاء فى إفادة صحفية من جامعة.. هذا ليس دليلا علميا».
ولإضفاء الإثارة على أخبار المراكز البحثية لإشباع نهم وسائل الإعلام التى لا تجد لها شغلا شاغلا غير كورونا، دخلت بعض الأبحاث إلى مناطق تلفت الانتباه أكثر، على الرغم من أنها لم تصل لنتائج ذات بال.
فقد نقلت وكالات الأنباء قبل أيام أن باحثين صينيين، وجدوا أن هناك «احتمالا» أن يصيب الفيروس السائل المنوى للرجال، مما يتيح فرصة لانتقال العدوى عن طريق الاتصال الجنسى، وهو ما شكك فيه أستاذ علم الذكورة فى جامعة شيفيلد البريطانية، ألان بيسى، الذى قال إن وجود الفيروس فى الحيوانات المنوية لم يظهر ما إذا كان قادرا على إحداث العدوى.
ولأن الحديث فى هذا المضمار يلقى اهتماما لدى البشر، كشف أطباء عن إصابة رجل أمريكى يبلغ من العمر 42 عاما بفيروس كورونا، بعد ذهابه إلى المستشفى شاكيا من آلام فى الخصية، وفيما قال الدكتور ريتشارد فينى، جراح المسالك البولية فى برمنغهام، إنه لم يصادف أى مريض بكورونا يشكو من مشاكل فى الخصية، قال أطباء آخرون إن الأمر قابل للحدوث نظريا، لكن أطباء آخرون شددوا على أن الرجال لا يجب ألا يقلقوا قبل إجراء أبحاث أكثر جدية.
وفى ظل عدم وضوح الرؤية تلك، هاجم خبير صحى ألمانى نتائج دراسة أجراها فريق طبى فى باريس، قالت إن المدخنين قد يكونون أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا من غير المدخنين. وقال البرفسور الألمانى شتيفان موهلج من جامعة كيمنتس التقنية والمتخصص فى علوم الوقاية إن التدخين له آثار مدمرة وخطيرة على الجسم وينبغى الابتعاد عنه، وهو التحذير ذاته الذى وجهته مرارا منظمة الصحة العالمية.
وفى ظل الأبحاث ذات النتائج العجيبة أحيانا لم يكن غريبا أن يدلى خبراؤنا المحليون بدلوهم، فقال بعضهم إن تناول وجبة الشلولو أو شرب عصير البرسيم يمكن لهما أن يقهرا فيروس كورونا، ولِمَ لا وهم يرون الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يفتى بغير علم بأن حقن أجسام المصابين بمواد مطهرة كفيل بتدمير الفيروس، ولكنكم تحبون الغرباء!!