لا يمكن النظر إلى الحرائق المشتعلة فى ثوب جماعات المعارضة المصرية بعيدا عن ترتيبات المشهد الانتخابى المقبل، وهى كلها حرائق بفعل فاعل معروف ومحدد وكما يقولون عند كل حادثة فتش عن المستفيد، فإن هناك رابحا واحدا وحيدا من كل ما يجرى حاليا من تجاذبات ومعارك بين قوى مفترض أنها معارضة، ناهيك عن الحروب الأهلية المندلعة داخل الأحزاب.
تفاصيل المشهد الراهن تشى بأنه ليس ثمة أمل فى معسكر المعارضة المصرية، حيث كل طرف يتهم الآخر ويحاول إزاحته، وكما أن الحزب الوطنى متهم بالتكويش على السلطة، لدينا الآن ما يمكن وصفه بمحاولات تكويش على المعارضة.
حتى فى حالة البديل المحتمل وأعنى معسكر الدكتور البرادعى عدنا مجددا إلى أجواء محاولات الإزاحة والإبعاد المتبادلة بين أطراف اللعبة، لعل آخرها ما بدأت ملامحه تظهر من ميل إخوانى واضح لانتزاع المساحات الأكبر من مشروع التغيير، بعد قرار الجماعة الأخير بركوب قارب البرادعى والإبحار به ومعه، وما يثير الدهشة أن الإخوان كانوا الأكثر تحفظا على البرادعى فى بداية إطلالته على الحياة السياسية المصرية.
وما جرى يوم أمس الأول من استبعاد الإخوان لوكيل مؤسسى حزب الوسط عصام سلطان من المشاركة فى مؤتمر للجمعية الوطنية للتغيير بالمنصورة ينذر بأن خطرا محدقا بمشروع التغيير بدأ ويكاد يعصف بكل ما تحقق خلال الفترة الماضية.
فأن يعتبر طرف ما أنه صاحب توكيل البرادعى فى مصر فهذا ما يبتذل فكرة التغيير ويحولها إلى لعبة سخيفة تهدد بتفجير المشروع برمته من داخله.
وخطورة الأمر أنه كلما أنجز مشروع البرادعى بعض الخطوات على الأرض، فى الفترات التى يتواجد فيها داخل مصر، وبعد أن يستأنف الدكتور أسفاره الطويلة، نعود إلى نقطة الصفر، فتدخل معظم الأطراف فى سجالات صغيرة تبدد ما تحقق.. ثم يعود الدكتور ليجرى تغييرات فى تركيبته السياسية تعقبها بداية جديدة.. وهكذا دواليك، لأن الموقف باختصار أن البرادعى جمع كل مدخرات المصريين من أشواق التغيير فى مشروعه، بما يجعل فكرة التغيير لا تنضج وتتوهج إلا إذا كان متواجدا بين الناس بشخصه.
وليس بعيدا عن ذلك ما يجرى بين الأحزاب وبعضها، وبين تيارات مختلفة داخل هذا الحزب أو ذاك، وكل ذلك نتيجة طبيعية لسقوط قيادات حزبية هنا وهناك فى بئر غوايات الحزب الوطنى، سواء عن طريق تعيين فى الشورى، أو وعد بالدعم وإخلاء بعض الدوائر فى انتخابات الشعب المقبلة.
والحاصل الآن أننا أمام اشتباكات بين الأحزاب بشأن مقاطعة الانتخابات المقبلة أو مقاطعتها، بما يجعل ما يسمى لجنة التنسيق بين الأحزاب مجرد يافطة ممزقة تكشف عن عورات خطيرة فى أداء أحزاب المعارضة بمواجهة الحزب الوطنى، ناهيك عن إطلاق عفاريت الخلافات والانشقاقات داخل كل حزب، بحيث يساق الجميع إلى جحيم الصراعات الصغيرة، بما يفضى فى نهاية المطاف إلى أنه لا يوجد حزب قادر على منافسة الحزب الوطنى.
wquandil@shorouknews.com