يبدو أن السيد محمد على إبراهيم رئيس تحرير الجمهورية لا يجيد القراءة باللغة العربية، أو أن ثقافته الفرنسية العميقة لم تسعفه ليدرك أو يفهم أن الباطل الصريح الذى سكبه على صفحات جريدته يوم الخميس الماضى بحق الروائى والكاتب المبدع علاء الأسوانى مبنى على باطل أكثر صراحة ووضوحا.
تحت عنوان «اليهودى قال الحق.. والمصرى قال العكس» دلق إبراهيم ما يشبه المقال مقترفا فيه مجموعة من الخطايا المهنية والأخلاقية، بداية من الادعاء الكاذب على علاء الأسوانى بأنه كتب مقالا فى لوموند الفرنسية ضد مرشح بلده ويعلن فيه أن البلغارية أجدر برئاسة اليونسكو.
أول القصيدة كفر ــ مع خالص الاعتذار للقصائد والشعر المحترم ــ لأن علاء الأسوانى لم يكتب فى لوموند أو لها بل كتب مقاله فى «الشروق» المصرية مقالا بديعا قرأه عشرات الآلاف من القراء بدليل أنه حقق رقما قياسيا فى عدد التعليقات الواردة على الموقع الإلكترونى للجريدة، غير أن «مسيو إبراهيم» يبدو كما قلت إنه لا يقرأ العربية، وإن قرأ لا يفهم، وإن فهم لا يقول الحقيقة.
وربما كان دالق المقال مصابا بنوع من الحساسية يجعله غير قادر على تعاطى أو هضم ما تكتبه الصحف المصرية المستقلة، رغم أن معدة سيادته تهضم الزلط، بدليل ما كتبه مدشنا به مرحلة رئاسته لتحرير الجمهورية حين سافر لأول مرة على طائرة الرئاسة إلى السعودية لتغطية قمة مبارك والملك عبدالله فلم يلفت نظره فى الرحلة كلها سوى مذاق الأوز فى الوليمة العامرة التى قدمها ملك السعودية لضيوفه.
لا يهمنا إذا كان رئيس تحرير الجمهورية يقرأ بعقله أو بمعدته فهذا شأنه، لكن ما يخصنا أن علاء الأسوانى كاتب فى «الشروق» وأن المقال موضع الانتقاد نشر فى «الشروق» واطلع عليه وتفاعل معه عشرات الآلاف من القراء، إلا محمد على إبراهيم الذى انتظر حتى نقلت «لوموند» الفرنسية المقال ونوهت مثل كل الصحف الرصينة المحترمة إلى أنها تنشره نقلا عن «الشروق» المصرية.
لكن ما يثير الضحك والأسى معا أن رئيس تحرير الجمهورية نصب نفسه متحدثا وحيدا باسم الوطنية المصرية، يوزع صكوكها على هذا ويمنعها عن ذاك، فمن دخل حظيرة فاروق حسنى فهو وطنى مخلص، أما من اختلف معه أو رأى أنه غير جدير باليونسكو أو أن البلغارية فازت لاعتبارات أخرى غير أوهام نظرية المؤامرة، فهو خارج عن الجماعة ومارق على القبيلة وفق رأى مفتى الحظيرة فضيلة العلامة صلاح عيسى.
ولا يستطيع أحد أن يصادر حرية مثقفى الحظيرة والعاملين عليها فى أن يبقى حائط مبكاهم على سقوط فاروق حسنى قائما، وأن يظل سرادق العزاء الوهمى منصوبا، كما لا يحق لأحد أن يطلب منهم أن يكفكفوا دموعهم الصناعية على خروج الفارس مهزوما من سباق اليونسكو.. هذا حقهم حتى وإن كانوا بهذا السيناريو الخائب يفجرون السخرية من فاروق حسنى ومعركته أكثر مما يثيرون الشفقة والتعاطف معه.
وألفت عناية رئيس تحرير الجمهورية ومن لف لفه إلى أن أشد المختلفين مع منهج فاروق حسنى فى النظر إلى الثقافة التزموا الصمت طوال مراحل التصويت باليونسكو، وأظن أن التعليق وإبداء الرأى فى الأخطاء والتنازلات القاتلة للمرشح المصرى، بعد أن انقشع غبار المعركة، ليسا من قبيل ارتكاب المعاصى التى تخرج أصحابها من وطنيتهم وتوردهم التهلكة.
فليبك «المسيو إبراهيم» و«العلامة عيسى» و«القط الفصيح» على فاروق حسنى كما يشاءون، لكن دون أن يشكلوا محاكم تفتيش تنزع عن الكتاب المحترمين وطنيتهم وانتماءهم الحقيقى لهذا البلد.
بالمناسبة: ما مصير التبرعات التى فتح رئيس تحرير أخبار اليوم حسابا بنكيا لجمعها لتمويل معركة فاروق حسنى؟
هل من محاسب؟
wquandil@shorouknews.com