فى هذه السنوات كانت هناك علاقة حميمة بين الصحافة والسينما، خاصة فى النصف الأول من الستينيات. حيث كانت المؤسسات الصحفية هى المكان المفضل لحكايات الأفلام، خاصة فى سنوات التأميم، ومن هذه الأفلام: « يوم من عمرى» إخراج عاطف سالم، و«اللص والكلاب» إخراج كمال الشيخ، و«بقايا عذراء» إخراج حسام الدين مصطفى، و«سر طاقية الاخفاء» إخراج نيازى مصطفى، و«أنا حرة» اخراج صلاح أبو سيف، ثم «الرجل الذى فقد ظله» لكمال الشيخ. وايضا «حب فى حب» الذى أخرجه سيف الدين شوكت، 1960 وأنتجه وقام ببطولته فاروق عجرمة، وشاركته البطولة هند رستم وإيمان، وحسن فايق وفؤاد المهندس، وزينات صدقى والفيلم مثل جميع أعمال المخرج ذى الأصل المجرى مأخوذ من نص أدبى اجنبى، وهو هنا مسرحية «بيجماليون» لبرناردشو، التى كانت مصدرا لعشرات الأفلام فى السينما والمسرح فى كل أنحاء العالم، خاصة مصر، وكما أشرنا فإن الفيلم من بطولة الطبيب فاروق عجرمة وهو صاحب واحدة من غرائب المسيرات السينمائية فى مصر، حيث بدأ حياته ببطولة مطلقة فى أفلام مثل «وعد» إخراج أحمد بدرخان 1954، لكنه ما لبث أن انتقل إلى الأدوار الثانية فى أفلام تالية منها: «صوت من الماضى» لعاطف سالم 1955 و«ماليش غيرك» لبركات 1958 و«أيامى السعيدة» لأحمد ضياء الدين 1959، وعندما أحس انه فى أزمة فنية، وبعد بطولة فى فيلم «كهرمان» مع يحيى شاهين أمام هدى سلطان، قرر أن ينتج فيلم «حب فى حب» والغريب ان الفيلم لم يحقق المأمول منه رغم وجود هذه الكوكبة من النجوم والنجمات، وكان فيلمه التالى والأخير كممثل هو «ست البنات»، حيث اختفى عدة سنوات قبل أن نرى اسمه كمخرج فقط على أفيشات فيلم
«العنب المر» 1966، ولا تعرف لماذا ابتعد عن التمثيل، لكنه سرعان ما توجه إلى لبنان، وأخرج أفلاما قليلة المكانة منها فيلم «عصابة النساء» بطولة صباح، وكلها أفلام دفعته للسفر والاقامة فى الولايات المتحدة، فاختفت اخباره وقيل إنه قام بشراء قاعات عرض، وصارت هذه مهنته، بعد أن قام بتغيير اسمه إلى اف كينج
حسب قانون المنتج فإن البطولة المطلقة لصاحب المال، وقد صارت ايمان هنا ضيفة شرف، إلا أنه يحسب للمخرج أنه واحد من القلائل الذين استفادوا بقوة من قدرات هند رستم للأداء الكوميدى، وقد سبقت شويكار فى ذلك بسنوات فى مسرحية «سيدتى الجميلة»، هند رستم هنا هى نوسة صاحبة البيانولا، التى يريد الصحفى مجدى أن يحولها إلى فتاة مجتمع راقية كنوع من الرهان بين الصحفى وزملائه فى الجريدة.
بطل الفيلم هو مجدى الذى يجد نفسه فى منافسة مع زميلته شيرين التى تعمل فقط لخدمة الطبقة الراقية، وتكتب من أجلهم، ومناسباتهم الاحتماعية، فتفوز بعدد ثلاث صفحات لما تكتبه فى الجريدة بينما يتم تقليص عدد الصفحات المخصصة لكتابات مجدى، فيدخل الزميلان فى رهان أن بإمكان الشاب أن يحول فتاة البيانولا إلى شخصية راقية، ويلتقط الفتاة وينجح فى أن يحولها كما يريد، ويكسب الرهان، كما أنه يكتشف حلاوة الحب، فالتجربة بالنسبة له فى البداية لم تكن لها ابعاد، وكما نرى فإن النص المسرحى عند برنارد شو كان حول كيف تنطق ليزا حروف اللغة الانجليزية كما يجب، والمسرحية الانجليزية تحولت فى السينما الناطقة إلى أفلام عديدة منها «امرأة جميلة» وفى مصر رأينا ليزا فى طبعات كثيرة جسدتها عزيزة أمير، ونيللى وشويكار وبالطبع هند رستم......
ومن المهم العودة إلى فاروق عجرمة، وتجاربه المتذبذبة، فلعله احس أنه لا يرقى إلى مستوى النجوم الذين ظهروا معه، خاصة أن هذه الفترة كانت لنجوم الطرب، والبطولات التى قام بها لم تسعفه، فصار مثل عبدالمنعم ابراهيم، وعبدالسلام النابلسى، إما أن يعود إلى الادوار الصغيرة، أو أن يبتعد عن التمثيل، وهكذا فعل فى مصر أولا ثم فى السينما اللبنانية، ونحن لم تصلنا أخباره بعد أن صار أمريكيا. كأنه اختفى داخل أحد الثقوب السوداء فى المجرات، ولهذا السبب اختفى فيلم «حب فى حب» لسنوات طويلة باعتباره من انتاجه، فلم نر الفيلم على القنوات التى نعرفها، ونحن فى فترة نكاد نكتشف فيها الكثير من الأفلام الضائعة فى العديد من الأقبية.