فى نهاية ديسمبر 2013 كان المهندس إبراهيم محلب وزيرا للإسكان فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى.. يومها كتبت ممتدحا نشاطه الملحوظ وتحركاته التى لا تهدأ، من محافظة إلى أخرى، ساعيا لحل مشكلة هنا، ومتابعة تنفيذ مشروع هناك، تقوده روح العمل المتواصل ليلا ونهارا بعد أن اكتسبها على ما يبدو من خلال توليه قيادة شركة «المقاولون العرب».
اليوم أسال هل لايزال الرجل يستحق المديح؟، أليس محلب الذى يطلق عليه البعض لقب «أبو خطوة» لتواجده فى أكثر من مكان فى توقيت متقارب يتجول فى المحافظات المختلفة بشكل شبه يومي؟، وألم تقدم حكومته أى إنجاز فى أكثر من ملف رغم الصعوبات التى تواجهها؟ وهل هناك مبرر موضوعى لحملة الهجوم الضارية على رئيس الوزراء التى شهدها الأسبوع الماضى لدرجة أن البعض (فى الإعلام) بدأ الحديث عن آخر أيام محلب فى منصبه، وترويج عبارات تؤكد «اقترابه من الرحيل»؟
وفى خضم حملة الهجوم على الحكومة خرجت أسعار الطماطم عن السيطرة، وأصيبت البامية بعدوى «الجنون»، ولم يبق نوع من أنواع الخضر أو الفاكهة خارج السباق، الذى تنافست فيه الأسماك واللحوم الحمراء والبيضاء على حد سواء... وقبلها كانت كارثة المياه الملوثة فى الشرقية، وسقوط صندل الفوسفات فى نيل قنا، وأخيرا انقطاع الكهرباء عن ماسبيرو حيث مبنى الإذاعة والتليفزيون أحد رموز الدولة السيادية.
فى جلساتنا العائلية وأحاديثنا اليومية مع الأصدقاء لا ينكر أحد أن مصر تمر بفترة تاريخية عصيبة بعد فساد واستبداد استمر أكثر من 30 عاما، وانهيار فى غالبية القطاعات الخدمية والإنتاجية خلال السنوات الأربع الأخيرة، فهل تتوقعون عصا سحرية لحل المشكلات؟!
يقول البعض إن حكومة محلب بلا رؤية سياسية، وإنها «ضجيج بلا طحن»، ولم يسأل أحد نفسه من أين تأتى الرؤية السياسية، مع أن غالبية نخبنا فى الأحزاب والقوى السياسية تفتقد هى أيضا أية رؤية للعمل وإلا ما شاهدناها تتناحر وتتصارع على أوهام المناصب، أو رغبة فى التقرب إلى السلطة تحت شعار من «جاور السعيد يسعد».
نعم حكومة محلب لم تقدم للمواطنين شيئا ملموسا يقنعهم بأن الضجيج ينتج طحنا، فمازالت الطرق، حتى اليوم، تعانى، وأزمات الصحة والتعليم، والبطالة قائمة، والشوارع تئن من الزحام الخانق، ومنظومة الفساد لاتزال تعمل بكفاءتها المعتادة، وكثير من المشكلات تبحث عن حلول.. غير أن الحكومة وعلى رأسها محلب تجتهد وتحاول أن تقدم ما يشعر الناس بالرضا، تخطئ حينا، وتصيب أحيانا، فى ظل مناخ صعب، خاصة أن الناس طال انتظارهم لرؤية الضوء فى آخر نفق الأزمات والمشكلات التى تقصم ظهورهم.
حكومة محلب أو غيرها، إذا طالها التغيير، ليس أمامها، فى ظل التحديات التى تواجهها إلا العمل الجاد والمتواصل، وأن تسعى إلى سد الثغرات هنا وهناك، وعلينا أن نتفهم أن هناك ما يمكن إنجازه عاجلا، وما يحتاج إلى وقت أطول يكون محددا سلفا، وفقا لخطة موضوعية تعلن على الناس ليكونوا فيها شركاء.
وقبل هذا وذاك مطلوب من رئيس أية حكومة ووزرائها الابتعاد عن التصريحات الوردية التى يكتشف الجمهور بعد فترة أنها خادعة، وعلى الإعلام أن يراعى ضميره، فلا يهب للهجوم غير المبرر تارة، أو كيل المديح الزائف مرات، إذا كنا نبتغى إصلاح الأحوال بصدق، وبما يمكننا من تجاوز العقبات، والمنعطفات الحادة التى تمر بها بلادنا.