الضربة التى وجهها فيروس كورونا إلى حركة السياحة والسفر منذ يناير 2020، لا تزال دول كثيرة تعانى منها، وربما يكون تلقى اللقاحات المضادة للوباء الأمل الذى تعول عليه غالبية البلدان فى استعادة النشاط لواحد من القطاعات المهمة التى تعتمد عليها العديد من البلاد ومن بينها مصر.
قبل أيام زار وفد إعلامى أوكرانى مصر، فى إطار حملة ترويج تستهدف السوق الأوكرانية التى تدفق منها 715 ألف سائح خلال الفترة من يناير إلى مايو الماضيين، حسب ما نشرته سفارة أوكرانيا على صفحتها الرسمية على«فيس بوك».
الوفد الأوكرانى ضم 18 إعلاميا وصحفيا، تجول فى أربع مدن هى: شرم الشيخ والقاهرة والغردقة والعلمين الجديدة.. وقبل وصول الوفد بأيام تلقيت رسالة على «فيسبوك» من دميترو كاربيفينكو «Dmytro Krapyvenko» رئيس تحرير مجلة الأسبوع الأوكرانى « The Ukrainian Week» الذى تعرفت عليه فى أحد المؤتمرات يخبرنى فيها بأن زميله أندرى جولوب (Andriy Golub)، سيكون ضمن الوفد الأوكرانى ويود مقابلتى فى القاهرة.
وذات مساء، وعلى أحد المقاهى العتيقة بحى الحسين، التقيت الزميل الأوكرانى، وعلى وقع احتساء فنجان من القهوة، تبادلنا التعارف والدردشة التى تحدث فى مثل هذه المناسبات. لم يخفِ أندرى اعجابه بالمناطق السياحية التى زارها فى شرم الشيخ والقاهرة، وقد كان عائدا لتوه من زيارة المتحف القومى للحضارة، كما بدا مسرورا بجولته فى منطقة خان الخليلى.
لم أتعجل رصد انطباعات الزميل الأوكرانى عن مصر، وفضلت أن يكتبها لى بعد عودته إلى بلاده، ورجوته البعد عن المجاملة، وقد فعل الرجل وبعث بالسطور التالية التى أراها مفيدة لكل المهتمين بصناعة السياحة.
يقول أندرى «بداية من الصعب أن تجد دولة كانت محورا لأحداث تاريخية منذ مهد الحضارة الإنسانية مثل مصر، وهذا الإرث المصرى يشكل عنصر جذب للسياحة فى حد ذاته، واعتمادكم عليه فى العمل السياحى أثار اعجابى، فافتتاح المتاحف الجديدة، ليس فى القاهرة فقط، ولكن فى المحافظات، خير دعاية لبلدكم، ويعد المتحف القومى للحضارة الذى نقلت إليه المومياوات الملكية فى حفل مهيب مؤخرا، مهمة للمستقبل».
«من خلال جولتى فى أربع مدن، تبين لى أنكم تحاولون بناء بلدين على أرض واحدة، بلد تضم المنتجعات الفخمة على شواطئ البحر، والمتاحف الأثرية التى تستهدف السياح الأجانب، والبلدة الأخرى هى مصر الحديثة لمن يعيشون فيها».
يتابع «غير أننى أعتقد أن كثيرين لا يريدون أن يرى السائح ما يدور فى كواليس الحياة الحقيقة للمصريين، فأنا كسائح قبل أن أكون صحفيا أريد أن أرى مصر على طبيعتها، حتى وإن لم تكن تلمع.. وعلى سبيل المثال، القاهرة تركت لدى انطباعا قويا جميلا، نعم هناك مشاكل تتشابه فيها كل المدن الكبرى مثل الزحام وعشوائية المرور والبناء، لكنى أدركت أن القاهرة ليست مدينة عادية، بل هى عاصمة من العواصم العالمية».
يواصل الصحفى الأوكرانى شهادته، وربما يكون هنا مربط الفرس: «التجول فى القاهرة يجعلنى أقول إنكم تحتاجون إلى التركيز على السياحة المخصصة لزيارة المدن، وأن تتركوا الأجانب يتجولون فى هذه المدن بشكل أكبر، وهذا يتطلب تغييرا فى نظرة المصريين إلى الأجانب، وأن يتعاملوا بطريقة أيسر عندما يشاهدون أجنبيا يحمل كاميرا للتصوير، وهذا يحتاج منكم الرد على سؤال: هل تريدون أن يرى السائح بلدكم على حقيقتها أم لا؟، إذا لم تكونوا ترغبون فى ذلك أنتم أحرار وهذا شأنكم».
السؤال التقليدى، هل ستزور مصر ثانية والإجابة: «فى المستقبل سوف آتى لزيارة المدن الكبيرة وبعيدا عن الشواطئ والمنتجعات، فأنا أفضل القاهرة والإسكندرية»، أما الأمنية الأخيرة لأندرى فهى حضوره مباراة قمة بين الأهلى والزمالك، باعتباره من عشاق كرة القدم، وهى أمنية أعتقد أنها تعكس ما يمكن أن تلعبه الرياضة فى التقريب بين الشعوب.