• الدفاع ميدان.. الفريق بلا قائد.. اللاعبون بلا سرعات.. الفاولات كثيرة.. والقضية ليست غزال ولا أوكا ولا كوكا
• «سيناريو الخوف» قدمه منتخب تونس فى 14 دقيقة وفاز بالقاضية الفنية والنفسية
• حسام غالى صانع ألعاب لم يصنع شيئًا وهو البديل البطىء لأبوتريكة.. وهذا هو الفارق بينهما
• ماذا يبقى لفريق بلا شخصية وبلا قائد وبلا صانع ألعاب وبلا سرعات؟
لايبقى له أى شىء قطعا.. وقبل المباراة كان رأيى فى حسام غالى واضحا ووفقا لطريقته فى اللعب مع الأهلى ومع المنتخب أيضا فى مراحل سابقة، وهو أنه البديل البطىء لأبوتريكة، بمعنى أن اللاعب الذى يفترض فيه صناعة اللعب بالتمرير الطولى فى العمق بجانب مهامه الدفاعية، وشرحنا كيف أن أبوتريكة سريع الإيقاع لأنه يقرر ما يفعله بالكرة قبل أن يتلقيها، بينما حسام غالى يتلقى الكرة ثم يبدأ التفكير فى القرار.. وهذا فارق واضح.. ومن أسف أن حسام غالى كان بعيدا عن مستواه تماما شأنه مثل كل زملائه بالفريق.. فكان العبء كبيرا على منتخب بلا قائد وبلا صانع ألعاب، وبلا سرعات، وبلاشخصية..؟
• وقد سألنى الكابتن أحمد شوبير قبل المباراة: ما هو السيناريو الذى تتوقعه ؟ فأجبت بأن هناك السيناريو التقليدى، وهو أن يدافع منتخب تونس ويشن هجمات مضادة، وهو زسلوب لعب فرق الشمال الإفريقى دائما فى القاهرة، وتكرر عشرات المرات، وهناك السيناريو الذى أخشاه، وهو أن يهاجم منتخب تونس من البداية، ويسبب ارتباكا لمنتخبنا، وهو ما يحدث كثيرا حينما يعرض فريقا الأهلى أو الزمالك للهجوم من فرق صاعدة وجديدة.
• السيناريو الذى كنت أخشاه قدمه منتخب تونس ببراعة فى 14 دقيقة أولى أسفرت عن هدف كشف إلى أى درجة يعانى اللاعب المصرى من البطء، حيث مر فخر الدين بن يوسف بالكرة ودار حول دفاعنا كأنه يدور حول ميدان، حتى إنك تشعر أن دفاع المنتخب مقيد فى موقعه وهو يخوض السباق مع لاعب منافس.. وقد تحدثنا كثيرا عن نقص السرعات، وأذكر أننى رددت وركزت على أن أهم مهارة فى كرة القدم الآن هى السرعة. وهى التى هزمتنا مبدئيا أمام السنغال ثم تونس.
• كان السيناريو الذى كتبه مدرب تونس البلجيكى جورج ليكنز مفاجأة لمدربنا شوقى غريب وللاعبينا.. وهذا السيناريو كان بمثابة ذبح للقطة على ملعبنا. فقد زاد الهجوم التونسى من الضغط النفسى على اللاعبين وهم مضغطون أصلا.. ففقدوا الثقة والتركيز، ورفعوا راية العشوائية التى فتحت الباب على مصراعيه لفريق تونس كى يفعل ما يشاء، ولولا تغاضى الحكم عن ضربة جزاء ولولا براعة القائم الأيمن لشريف إكرامى لخرجنا بهزيمة ثقيلة، وأثقل مما يتخيل أحد.
والواقع أن الفريق التونسى إجمالا سبق له اللعب بنفس الأسلوب أمامنا بالقاهرة إلا أنه كان فى هذا السيناريو يوجد تنوع مدهش، فبعد الهدف، بدأ منتخب تونس عملية تقسيم المناورات، فيدافع، ثم يشن هجومه المضاد، بالأربعة المتقدمين، خزرى، والشيخاوى، والمساكنى، وفخر الدين، الذى لعب دورا دفاعيا متقدما بتعطيل عبد الشافى قدر المستطاع، وقد استطاع.. وساعد الفريق التونسى على هذا التنوع وعلى تلك النزعة الهجومية العالية التى قدمها حالة لاعبى المنتخب السيئة فنيا ونفسيا.
• لقد بدأنا لعبة الحسابات الخاسرة والوهمية التى تفترض أننا سنفوز فى كل مبارياتنا القادمة، بينما يخسر المنافسون من أجلنا كل مبارياتهم القادمة.. وهى لعبتنا الأولى منذ سنوات طويلة جدا يتجاوز عمرها عمر آلاف المشجعين الشباب.. لكن هل الخسارة اسمها شوقى كما يرى البعض ؟ هل هى بسبب أخطاء التشكيل وأخطاء الطريقة حقا ؟ أم أنها بسبب منظومة كروية بليدة بكل عناصرها أسفرت عن صناعة منتخب ضعيف الشخصية، ولعله بلا شخصية إطلاقا ؟
• إهدار خالد قمر للانفراد الذى لاح له، هو أكبر دليل على حالة الخوف وانعدام الثقة بالنفس، فقد سدد الكرة بكعبه، أو سددها «بالشمين»، فلا هى بالشمال ولا هى باليمين. علما بأن خالد قمر سجل كثيرا فى المسابقات المحلية وهو مع الشرطة من مثل تلك الانفرادات.
• الأهم من تلك الفرصة التى أهدرها قمر.. هو الموقف الدفاعى للاعبى منتخب مصر. فهم فى غاية البطء، وضعاف تكتيكيا. فيما لو نظرنا إلى الدفاع التونسى الذى وصفه الكثيرون بأنه ضعيف، سنجده دفاعا بارعا وصارما، ولم يسمح لمهاجمى المنتخب بفرص حقيقية، ومارس الدفاع التونسى (معلول، والحسنى، وصيام بن يوسف، والبدوى) مهمته باحتراف ومهنية، وكان سلاحه الأول التمركز، والبقاء داخل الصندوق، وتضييق المساحات وفرض حراسات خاصة على عمرو جمال وقمر وصلاح. وساعده خط وسطه فرجانى، وحسين الراقد، اللذان منعا تقدم الوسط المصرى فى الشوط الأول تماما.
• أنتم لاحظتم دون شك «الفاولات الكثيرة» التى ارتكبها لاعبو المنتخب فى تلك المباراة.. وهى فاولات العجز.. بسبب نقص السرعة، ونقص اللياقة الذهنية، فاللاعب لا يستطيع أداء سبرنتات قصيرة، ولا يقدر على الضغط بسرعة تحرم الخصم من بناء هجوم فيلجأ إلى تعويض المسافة وتعويض هذا العجز بالارتماء والزحلقة، واللعب على الأجساد، وهذا بالضبط ما يفعله الملاكم المرهق وهو على الحلبة يصارع ملاكما أفضل منه وأسرع منه وأقوى منه.
• القضية ليست غزال، ولا أوكا ولا كوكا.. ولكنها قضية جيل جديد من اللاعبين يحل محل جيل رائع امتلك الخبرات والمواهب، وساهم فى صناعته مانويل جوزيه مدرب الأهلى وقدمه للمنتخب.. وهذا مع تقديرى للجهد وللتأثير الذى لعبه حسنى عبد ربه نسبيا بعد اشتراكه، ولدور عبد الشافى وحازم إمام، فإن المنتخب يفتقد للاعبين القادرين على تغيير النتائج، وعلى رفع مستوى الأداء.. والقضية هى الفريق وليس اللاعب الفرد.. كما أن القضية عدم قدرة شوقى غريب على قراءة أسلوب منافسه البلجيكى، وإصابته مع لاعبيه بالمفاجأة فى ربع الساعة الأول، وإصراره على الدفع بلاعبين يدرك أنهم دون المستوى فى الوقت الراهن.. وصحيح أن المنتخب فى مرحلة بناء، لكن أى بناء يكون له أساس، فما هو أساس هذا البناء الذى يقوم به شوقى غريب ؟
• صحيح أيضا أن الدورى القوى يفرز منتخبا قويا. ولكن أين هذا الدورى القوى وقد كان الأهلى والزمالك فى أسوأ حالاتهما.. فهل سيكون الدورى الإسبانى قويا بدون قوة برشلونة وريال مدريد ؟ هل يكون الدورى الألمانى قويا بدون قوة بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند ؟ ولعل من أخطاء شوقى غريب، عدم تقديره لملكات وقدرات كل لاعب، فما الذى يجعل لاعبا يتألق مع فريق فى المسابقة المحلية ولا يكرر تألقه دوليا ؟ وما الذى يجعله متألقا مع فريق بعينه ثم تجده متراجعا حين ينتقل إلى فريق آخر ؟ إن أحد أهم أسباب ظهور لاعب ما صورة جيدة هو أسلوب لعب فريقه الذى يختلف عن أسلوب لعب الفريق الذى انتقل إليه.. واضحة ؟!
• إن أسوأ إصلاح هو المدفوع بأزمة، وأفضله الذى يقوم على الانتصارات، وقد أهدرنا مرحلة تطوير الكرة المصرية بعد الفوز بثلاث بطولات إفريقية على التوالى.. والعالم الذى يتقدم باستمرار يحقق ذلك، لأنه يفكر ويدرس لماذا انتصر بقدر ماي درس لماذا خسر وانكسر ؟ وبعد مباراة السنغال أشرت إلى أن القضية منظومة الكرة المصرية كلها، علما بأن الكرة المصرية ليست المنتخب فقط، ولكنها ملاعب ومسابقات، وناشئون، ومدربون، وحكام، وجمهور، وإعلام، و.. سأضرب مثلا قد ترونه تافها: يجنى اتحاد الكرة أموالا جيدة. ومع ذلك تجد حكامنا يديرون المباريات بدون سماعات إذن، وتجدهم لا يحملون «الرذاذ المتلاشى» المستخدم فى الضربات الثابتة.. وهذا أتفه ما يجب أن نملكه، ولكننا لا نملكه ؟!
• الطريق طويل جدا.. والخطوة الأولى تغيير الأفكار والأشخاص الذين يفكرون بعقول الستينيات من القرن الماضى.