نعم لنقبل! - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نعم لنقبل!

نشر فى : الإثنين 12 أكتوبر 2015 - 9:55 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 أكتوبر 2015 - 9:55 ص

لنقف للحظة ونفكر، هل نقبل أن يتحدث باسمنا من أنكر أو برر القتل والمظالم وانتهاكات الحقوق والحريات الواسعة خلال العامين الماضيين؟

هل نقبل أن يأتى إلينا فى ثياب الواعظين فى شئون الديمقراطية من سبق له استدعاء المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية للعصف بإجراءاتها والخروج عليها؟
هل نقبل أن يحدثنا عن خطر حكم الفرد من روج لحكم الفرد، وعن خطر عسكرة السلطة التنفيذية وضعف الأجهزة المدنية من أيدى عسكرة رأسها عبر أحاديث «البطل المنقذ» ومقولات «مرشح الضرورة» الذى تحول فيما بعد إلى «رئيس الضرورة»، وعن إخضاع رأس السلطة التنفيذية للأجهزة الرقابية المنوط بها مساءلته ومحاسبته وخطر إلغائه لاستقلالها من كان من مناصرى «مرشح الضرورة» أو صمت على طغيان السلطة التنفيذية وتغولها التشريعى بتمرير قوانين وتعديلات قانونية ذات طبيعة سلطوية صريحة؟

هل نقبل أن يحاضرنا فى شأن مقاومة السلطوية والدفاع عن الدستور من برر للقوانين الاستثنائية وفى مقدمتها قانون التظاهر وتعديلات قانون العقوبات وقانون الكيانات الإرهابية التى تعطل عملا أحكام الدستور، وفى شأن إدارة «مراحل الانتقال الديمقراطى» من تماهى طويلا مع الصوت الواحد والرأى الواحد وامتنع عن مواجهة مكارثية تشويه وتخوين معارضى الحكم بل وإنزال العقاب بهم دون ضمانات تقاضى عادل، وفى شأن نواقص الانتخابات البرلمانية القادمة واختلالات القوانين الناظمة لها والضعف المتوقع للمجلس التشريعى من تجاهل أن استدعاء المؤسسات العسكرية

والأمنية للتدخل فى السياسة يميتها أولا ثم يستتبع السلطات العامة ثانيا ثم يصنع مجالس تشريعية ورقية لا صلاحيات حقيقية لها ولا دور لها إلا تأييد ودعم السلطة التنفيذية ــ البرلمان المصرى القادم كظهير سياسى؟
هل نقبل أن يتشدق بالتعددية والتسامح وقبول الرأى الآخر من شارك فى قمع التعددية بمقولات تخوين المعارضين الزائفة، وتورط فى التشويه الظالم للمغردين خارج السرب كأعداء للوطن وأعداء لمصالحه العليا وأمنه القومى، وطالب بحصار المجتمع المدنى ومنظماته المستقلة فى محاولة لاسترضاء الحكم ومؤسساته الأمنية، ووظف الحرب على الإرهاب كمسوغ لإحياء ثقافة الخوف بين الناس ولتبرير ارتكاب المظالم والانتهاكات المتراكمة وللعصف بسيادة القانون لكى لا يعوق إن سلب حرية المواطنات والمواطنين غير الممتثلين للحكم أو إخضاعهم لصنوف أخرى من العقاب

والتعقب والإنهاك، ومارس دوما استعلاء الطبقات الوسطى وفوق الوسطى على الطبقات محدودة الدخل والفقيرة والمعدمة باسم«الوعى والمستوى التعليمى والقدرات العقلية والفكرية والثقافية»؟
إجابتى، الخاصة بى وحدى، هى نعم لنقبل شريطة أن يعترفوا بخطيئة إنكار القتل والانتهاكات وخطيئة مساندة الخروج على الديمقراطية خطيئة الاستعلاء على اختيارات الناس الحرة التى ليس لغير صناديق الاستفتاءات والانتخابات أن تعبر عنها. لنقبل أن يتحدثوا باسمنا، ويأتوا إلينا فى ثياب وعاظ الديمقراطية، وأن يخرجوا علينا فى سكينة المبشرين بمقاومة السلطوية. لنقبل، من جهة، لأن مراجعة الذات واجبة الاحترام وشجاعة تغيير الموقف واجبة التقدير دون توقف مريض أمام دواعى الكشف عن «النوايا الحقيقية» وضرورات البحث فى الحسابات الخفية. لنقبل، من جهة أخرى، لأن المقاومة السلمية للسلطوية فى مصر تحتاج لنحت مساحات جديدة واكتساب متعاطفين إضافيين، والمجموعات العائدة إلى الفكرة الديمقراطية بعد مراجعة للذات تأتى هنا فى الصدارة.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات