يرتبط تعبير «إعادة التأهيل» فى الأذهان بالمهارات التى يستخدمها الطب تحت مسمى العلاج الطبيعى ويمارسها دراسون لاستعادة الوظائف الحركية التى يفقدها الإنسان إثر إصابته بالشلل جراء جلطة بالمخ أو عند الإصابة فى حادث مرورى أو حادث سبب له كسرا فى العظام. لكن الأمر قد يختلف فى ذهن طبيب.
التأهيل فى رؤيتى مرادف لاستعادة العافية إثر فقدان وظيفة حيوية من وظائف جسم الإنسان. التسمية من منظور علمى تعبر عن نظرة أكثر شمولية وأبعد أثرا.
نتحدث دائما عن الصحة والعافية: الصحة تتمثل فى كفاءة وسلامة أجهزة الإنسان الحيوية، التى تضمن له سلامة منظومة الحياة، أما العافية فتشير إلى كفاءة تلك المنظومة والتى تتيح للإنسان مقاومة دواعى المرض والتعافى من مضاعفاته أيا كان نوع المرض سواء كان جسديا أو نفسيا وربما عقليا.
مع تقدم العلوم الطبية تظهر أهمية عوامل بالغة الأهمية وفروع للحكمة والمعرفة لا تقل أهمية عن علاج المريض باستخدام الأدوية أو اللجوء للجراحة. تقاس عالمية الآن كفاءة الأنظمة الصحية والخدمات الطبية التى توفرها الدول المتقدمة لمواطنيها بكفاءة برامج الوقاية وجاهزية مراكز التأهيل على اختلاف أنواعها وتخصصاتها.
إعادة تأهيل مرضى القلب أحد الموضوعات بالغة الأهمية عظيمة الفائدة التى أتمنى أن تحظى باهتمام أصحاب الشأن الصحى فى بلادى، الواقع أنه لا يخلو منها الآن فى أوروبا وأمريكا مستشفى أو مركز لعلاج أمراض القلب بل يحرص الأطباء على الإنسان وعافيته بعد الإصابة بأمراض القلب أو مع وجود أى عامل من عوامل الخطورة.
التاريخ العائلى لأمراض القلب أو المعاناة من أى أمراض غير معدية مثل السكر وارتفاع ضغط الدم تعد من عوامل الخطورة واحتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين. كونك رجلا وحده عامل من عوامل الخطورة نظرا لأن أمراض القلب والشرايين لدى الرجال تسجل نسبة أكبر من تلك التى تعانى منها المرأة لينقلب الأمر إلى وضع مختلف حينما تنحسر خصوبة المرأة ويتراجع هورمون الاستروجين لديها. إذا ما أصيبت المرأة بأمراض الشرايين فى تلك الفترة من عمرها فإنها تعانى تداعيات جلطة خطيرة تماثل ثلاثة أضعاف تلك التى تصيب الرجل فى تداعياتها.
برامج إعادة تأهيل مريض القلب تبدأ بتقييم كامل لحالة قلبه وعلاقة القلب بكل أجهزة الجسم المرتبطة به فكفاءة عمل القلب مرآة صادقة لعافية الجسم وتظل الدورة الدموية التى تبدأ من القلب لتدفع الدم فى دقات متتالية وايقاع خاص بها إلى كل أجهزة الدم لتربط عمل القلب بالكلى والكبد والرئات والمخ حتى الجلد وأطراف الأصابع فى تناغم وتوافق مستمر متى استمرت الحياة ودام العمر.
يبدو الأمر كخريطة صحية واضحة المعالم تشير إلى نقاط الضعف ومراكز القوة فى جسم الإنسان والعلاقة المباشرة التى تربط القلب والشرايين ببقية الأجهزة.
إعادة تأهيل مريض القلب تحتاج لفريق متآلف من الأطباء والفنيين وخطة عمل تختلف بالطبع من مكان لآخر وفقا لقدرات المكان ومقدراته. فيمكن «تفصيل» البرنامج اعتمادا على الميزانية المتاحة والقوى البشرية الموجودة من أطباء متخصصين وفنيين وتمريض إلى جانب المتاح من مكان لممارسة النشاط البدنى المطلوب، وإذا ما كان البرنامج سيبدأ من غرف الرعاية المركزة وغرف رعاية العمليات أم أنه سيقتصر على مرضى العيادات الخارجية؟
الواقع هى فكرة قابلة للمناقشة لكنها ضرورة حتمية الآن فى كل المستشفيات التى تضم أقساما لعلاج أمراض القلب أو مراكز متخصصة لعلاجاته وجراحاته.
المناقشة فى التفاصيل أما البدء فى الإعداد لإلحاق برامج تأهيل مرضى القلب بخدمات التأمين الصحى فأظنها يجب أن تنتهى من مراحل التمنى إلى حيز التنفيذ.
وعلى الله القصد.