** أصبحت كأس الأمم الأوربية بمثابة ضوء أمل فى ظلام جائحة كورونا، ففى بدايتها تولد الشعور أن فيروس كورونا فى بداية نهايته، وأن انطلاقها، بعد عام من الموعد المقرر، سيكون عودة إلى شىء يقترب من الحياة الطبيعية. لكن فجأة انهار كريستيان أريكسن لاعب الدنمارك فى نهاية الشوط الأول. وانهياره أعاد إلى الأذهان حادثتى فابريس موامبا ومارك فيفيان فوى. ففى مارس 2012 عانى لاعب خط وسط بولتون واندرارز فابريس موامبا من سكتة قلبية خلال ربع نهائى كأس الاتحاد الإنجليزى ضد توتنهام على ملعب وايت هارت لين. على الرغم من استخدام جهاز تنظيم ضربات القلب فى الملعب، توقف قلبه لمدة 78 دقيقة، لكنه تمكن من مغادرة المستشفى بعد شهر. أما مارك فيفيان فوى فقد انهار خلال مباراة فى كأس القارات بين الكاميرون وكولومبيا فى نصف النهائى فى ليون فى عام 2003. لم تكتب له النجاة ووجد لاحقًا أنه يعانى من تضخم اعتلال عضلة القلب
** مع استمرار سقوط إريكسن خيم الصمت على الملعب الذى تلون بقمصان الدنمارك وفنلندا. كابتن منتخب الدنمارك سيمون كيير كان قائدًا حقيقيًا عندما سقط زميله كريستيان إريكسن وتأكد له أنه لم يبتلع لسانه قام بتطهير الخطوط الهوائية لكريستيان، ومنحه الإنعاش القلبى الرئوى قبل حضور الأجهزة الطبية، وكان ذلك عرضا رائعا منه للشجاعة والقيادة.. وعندما شاهد شريكة إريكسن ــ سابرينا كفيست ــ تبكى توجه إليها برفقة كاسبر شمايكل بينما كان زوجها يرقد على الأرض يتلقى رعاية طبية عاجلة.
** تابع ملايين المشاهدين فى أرجاء المعمورة تلك الدراما بقلوب فزعة خاصة مع الإعلان عن تعليق المباراة. أخذ الجمهور فى الملعب يصفق لإريكسن وللأطباء فى تشجيع نبيل على محاولة إنقاذ حياته. وتوالت الدعوات والصلوات المكتوبة، وظل الشك يدور حول حالة اللاعب حتى ظهرت أول صورة له وهو يرفع يده نحو رأسه ثم ببيان نقله إلى المستشفى والإفادة باستقرار الحالة.
** أظهر إريكسن دائمًا مستويات عالية من الصحة البدنية فى العديد من الفحوصات الطبية التى أجراها على مدار مسيرته الاحترافية مع أياكس وتوتنهام وإنتر ميلان والدنمارك، لذلك كان انهياره المفاجئ حادثًا مروعًا لم يكن متوقعًا على الإطلاق. قال أطباء إنه من الوارد ألا يعود إريكسن لممارسة كرة القدم مرة أخرى، وأنه احتمال وارد، لكن لابد أولا من إجراء فحوصات دقيقة لفهم ما جرى له، ولو ثبت أنه يعانى من مشاكل قلبية فلن يسمح له القانون الإيطالى بممارسة اللعبة فى إنتر ميلان.
** تلك الدراما المشهودة على الهواء مباشرة بكل تفاصيلها أظهرت قيم الرياضة الإنسانية، وأن الصلوات والدعوات التى أطلقها الملايين بكل اللغات وباختلاف الديانات كانت تشير إلى تلك القيم الجميلة فى الرياضة. قيم الخير والسلام والمحبة والرقى والأخلاق. قيم الوحدة والاتحاد. وكيف يكون الحزن نبيلا. وكيف يكون عمل الأطباء مهما وحاسما ويجب أن يكون سريعا، وكيف أن كل مباراة يجب أن يكون أجهزة مطورة لحماية اللاعبين. ومنها أجهزة صدمات القلب المحمولة، ففى حالة إريكسن ربما لم يكن واردا أو ممكنا نقله بسيارة إسعاف قبل التدخل الطبى العاجل.
** يبقى فهم الإعلام لدوره. فالسبق الصحفى لا يعنى اختراق الخصوصية، ولا يعنى شهوة نقل صورة لضحية تتألم وتعانى. ولذلك قدمت محطة بى. بى. سى اعتذارا لمشاهديها لأنها نقلت صورا حية لعملية إنقاذ حياة إريكسون..
** تلك دراما كلها دروس لمن يريد أن يتعلم شيئا!