قبل أيام انتهى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من إعداد تقريره السنوى الخاص بالحالة الإعلامية فى مصر، تمهيدا لإرساله إلى رئاسة الجمهورية ومجلسى الوزراء والنواب.
التقرير يتضمن 5 أبواب إعلامية تشمل تحليلا لمضمون مخالفات الصحف والشاشات والمواقع الإلكترونية ونسب انتشارها، يضاف إليها أبرز مخالفات مواقع التواصل الاجتماعى، فضلا عن الصحف التى طالب المجلس بإغلاقها لاتهامها بنشر أخبار مفبركة وشائعات.
أما الباب الثالث وهو بيت القصيد، فيختص بمدى تمتع مصر بإعلام حر مستقل يضمن حرية الرأى والتعبير، كما يشمل دراسة عن النقد واتجاهاته.
فى تعليق لـ«المصرى اليوم» قال رئيس المجلس مكرم محمد أحمد إن التقرير تضمن دور المجلس فى إتاحة مزيد من الانفتاح وإعطاء الفرصة للرأى والرأى الآخر، وتحدث عن أهمية وجود معارضة مشروعة لصالح الوطن والتى تمثل مطلبا أساسيا هو تعزيز حرية الرأى والتعبير والاطمئنان إلى أن الأوضاع فى مصر راسخة ولا يوجد ما يتهددها.
ينتظر أبناء المهنة بفارغ الصبر الاطلاع على الجزء الخاص بتمتع مصر بإعلام حر مستقل يضمن حرية الرأى والتعبير، وشخصيا فضولى يدفعنى للتواصل مع نقيبنا السابق حتى يكشف لى عن دور المجلس الأعلى فى إتاحة فرصة للرأى والرأى الآخر، ولفتح الباب أمام وجود معارضة مشروعة لصالح الوطن.
أعرف تماما أن الأستاذ مكرم ورفاقه فى المجلس الأعلى يدركون الحالة التى يمر بها إعلامنا الذى يستظل نظريا وفقا للقانون بالمجلس الاعلي فحصار المحتوى الإعلامى وغياب أى صوت حتى لو كان مختلفا فقط وليس معارضا لا يحتاج منهم أو من أى متابع لجهد حتى يدرك حقيقة ما يدور فى صالات الأخبار، وبنظرة سريعة على عناوين الصحف والمواقع التابعة لمؤسسات إعلامية رسمية تعمل من داخل البلاد ومراجعة بسيطة لما تبثه الفضائيات المصرية ستقفز النتيجة فى وجه المتلقى وهى أن الإعلام المصرى أصبح إعلام الصوت الواحد (نشرات متكررة فى أوعية مختلفة تعكس الحالة التى وصلنا اليها).
بالطبع تابع الأستاذ مكرم ورفاقه فى المجلس الأعلى حملات التشهير التى تبثها بعض المنصات الإعلامية للتعريض بكل صاحب رأى مخالف، لا أدرى كيف كان رد فعل شيخ المهنة وهو يقلب صفحات بعض الصحف العريقة والتى تحولت إلى منابر لنهش أعراض وذمم شخصيات لها مواقف مخالفة للسلطة؟ وهل ستيضمن تقريره المخالفات المهنية والقانونية التى ارتكبتها تلك الصحف ضد المعارضين والتى لا علاقة لها بالنقد من قريب أو بعيد بل تستهدف بشكل مباشر التعريض بهؤلاء المخالفين وتشويههم حتى تغلق أفواههم وتكسر أقلامهم؟
السادة أعضاء مجلسنا الأعلى هل سيتضمن تقريركم أى إشارة للزملاء الصحفيين وغيرهم من أصحاب الرأى المحبوسين، والذين قدرتهم اللجنة الدولية لحماية الصحفيين بـ 26 صحفيا فى تقريرها الأخير الصادر قبل أيام، وهل سيشمل التقرير توصية بالإفراج عن هؤلاء حتى لا تضيع أعمارهم خلف أسوار السجون، ويخرجون أكثر سخطا على السلطة وتنمو داخل أولادهم مشاعر كراهية ليس للحكومة بل للبلد الذى حبس آباءهم دون سبب مقنع على الأقل لهم؟
هل سيطرح تقرير مجلسنا الأعلى الأسباب التى وضعت مصر فى المساحة السوداء على المؤشر العالمى لحرية الصحافة لعام 2019 المعد من قبل منظمة «مراسلون بلا حدود»، والذى أدرج مصر فى المرتبة رقم 163 من أصل 180 دولة على مستوى العالم فى حرية الصحافة، بسبب حصارها وتضييقها على الحريات الصحفية وملاحقتها الصحفيين وسنها لتشريعات تزيد من القيود على الإعلام؟
أرجو أن يكون الزملاء أعضاء المجلس الأعلى وعلى رأسهم شيخ المهنة مكرم محمد أحمد تذكروا وهم يكتبون تقريرهم أنهم صحفيون وإعلاميون وأن الدستور والقانون حصنا مجلسهم وأضفيا عليه صفة الاستقلال.