ثلاث ملاحظات على ما يجري على الحدود - إيهاب وهبة - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 6:30 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثلاث ملاحظات على ما يجري على الحدود

نشر فى : الأحد 15 فبراير 2009 - 9:58 م | آخر تحديث : الأحد 15 فبراير 2009 - 9:58 م

 أكد العدوان الإسرائيلي على غزة مدى ارتباط أمن مصر القومي بما يجري على الجانب المقابل من حدودنا الدولية. وتبرز هنا ثلاث ملاحظات أساسية ، كلها مترابطة:

الاولى تتعلق بانتهاكات اسرائيل المستمرة لنصوص معاهدة السلام المبرمة بين مصر واسرائيل في 26 مارس 1979 . فالمعاهدة تؤكد أن الحدود مصونه لا تمس، وتقضي بضرورة احترامها، و تتضمن أيضا التعهد بعدم صدور فعل من افعال الحرب أو الافعال العدوانيه أو التهديد بها ضد السكان أو المواطنين على الجانب الاخر.

وقد حددت المعاهدة بشكل واضح طريقة حل المنازعات بين الطرفين بالطرق السلمية وليس عن طريق التهديد باستخدام القوة أو استخدامها، ثم أن المعاهدة وملحقاتها نصت على انواع محددة على سبيل الحصر من الاسلحة المسموح بها لإسرائيل في المنطقة يمين خط الحدود الدولية وبعرض يصل الى ثلاثة كيلومترات تسمى بالمنطقة "د" كترتيب من ترتيبات الامن بين الجانبين.

غير أن ما نشهده منذ بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة هو امتداد هذه الاعمال العدوانية لتطال الشريط الحدودي مع مصر حيث تقوم اسرائيل بقصف هذه المنطقة بمختلف انواع الاسلحة والصواريخ والقنابل التي احدثت الكثير من الاضرارا بالمباني داخل الحدود المصرية وروعت المواطنين بل أوقعت بينهم إصابات مختلفة، كل ذلك بذريعة تدمير الانفاق التي تدعي اسرائيل انها تستخدم في تهريب السلاح الى غزة.

ومما لا شك فيه أن مصر تتعامل مع هذه الاعمال بما يقتضيه الموقف وفقا للاجراءات التي نظمتها المعاهدة للتصدي لهذه الانتهاكات بالطرق السلمية المقررة.

الملاحظة الثانية تتعلق بهذه الضجه التي تثار حول هذه الانفاق وتهريب السلاح عن طريقها. وقد أدلى الكل بدلوه في هذا الموضوع سواء من جانب اسرائيل أو الولايات المتحدة أو أوروبا . وواضح أن الجميع يتحدث عن هذا التهريب المزعوم للسلاح كحقيقه واقعه وليس كمجرد اتهام لم يتم التثبت منه. وقد اطلعت على تقرير مطول تم اعداده بواسطة مركز أبحاث الكونجرس ومقدم لاعضاءه ولجانه يحمل رقم RL34346 وصادر منذ عام، يتكلم تفصيليا عن هذه الانفاق واوصافها ومساحاتها واطوالها واعماقها وانواع واعداد الاسلحة التي يتم تهريبها عن طريقها ومصادرها وبل اثمانها.

ويعرض خيارات للتعامل مع هذه الظاهرة المخيفة التي اصبحت " بقدرة قادر" حقيقة واقعة لا تقبل الشك أو التأويل، والتي قد توحي لقارئ التقرير بأنها لا تقل في حجمها عن الإمدادات العسكرية الأمريكية التي قدمتها للحلفاء اثناء الحرب العالمية الثانية!!

ويشير التقرير الى أن لجنة الاعتمادات بالكونجرس قد قررت حجب 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر إلى أن تؤكد وزيرة الخارجية الامريكية أن مصر قد اتخذت من الخطوات الفعاله ما يكفي للكشف عن شبكة التهريب هذه وتدميرها. ويعني كل هذا أن موضوع الانفاق والتهريب يتم اثارته منذ فترة بغرض تمهيد الطريق لعمل عسكري اسرائيلي مرتقب، وهو الامر الذي جري تنفيذه حاليا وسط ضجه اعلامية كبيرة واتهامات ما أنزل الله بها من سلطان.

والملاحظة الثالثة تتعلق بتقرير هام صادر عن مقر مكتب الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية بالقدس الشرقية في نوفمبر 2006 يرصد فيه ما قامت به اسرائيل – أو في الواقع ما لم تقم به – في مجال تنفيذ اتفاقية المعابر بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية والتي تم التوصل اليها في 15/11/2005 والتي تتكون من جزئين الأول خاص بمعابر كل الأراضي المحتلة والثاني خاص بمعبر رفح.

وصدر هذا التقرير بعد مرور عام كامل على وضع الاتفاقية موضع التنفيذ . وفي جدول مقارن يرصد التقرير ما تنص علية الاتفاقية مقابل ما تم تنفيذه منها. فمثالا يذكر الجدول أن الاتفاق ينص أن معبر رفح سيبدأ تشغيله وفقا للمعايير الدولية يوم 25/11/2005 ، وفي المقابل يوضح الجدول أن المعبر تم اغلاقه من قبل إسرائيل طوال 86% من الأيام في الفترة من يونيو الى نوفمبر 2006 لأسباب أمنية ، وذلك في وجود السلطة الفلسطينية وقبل أن تتحكم حماس في قطاع غزة في يونيو 2007. ويشير الجدول نفسه إلى أن إسرائيل ستسمح بعبور قوافل لتسهيل انتقال البضائع والاشخاص بين غزه والضفه، غير أن اسرائيل لم تسمح بمثل هذه القوافل بل لم يتم بحث هذا الموضوع على الاطلاق.

ويؤكد الجدول أن إسرائيل قد ضاعفت من الحواجز التي اقامتها داخل الضفة الغربية خلال العام الاول من إبرام اتفاقية المعابر. هذا بالاضافة الى أنها لم تلتزم بما نصت عليه الاتفاقية خاصا بالميناء البحري على شواطئ غزة أو تشغيل المطار بالقطاع.

يعني هذا كله أن اتفاقية المعابر لعام 2005 التي تتباكى عليها اسرائيل اليوم لم تقم هي بتنفيذ أغلب بنودها خلال العام الاول من التوصل اليها ، هذا بشهادة الامم المتحدة ذاتها.

إيهاب وهبة مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأمريكية
التعليقات