هل تنجح منظمة شنغهاي في تدشين نظام عالمي جديد؟ - قضايا عالمية - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل تنجح منظمة شنغهاي في تدشين نظام عالمي جديد؟

نشر فى : الإثنين 15 يوليه 2024 - 7:10 م | آخر تحديث : الإثنين 15 يوليه 2024 - 7:10 م

استضافت العاصمة الكازاخية أستانا فعاليات القمّة الرئاسية الرابعة والعشرين لمنظمة شنغهاى للتعاون والأمن خلال الفترة من 3 إلى 4 يوليو 2024، بحضور ومشاركة العديد من رؤساء الدول الأعضاء، وفى مُقدمتهم الرئيس الصينى شى جين بينج ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، مع غياب رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودى.
تأتى تلك القمة فى خضم العديد من التطورات الدولية والإقليمية المتزامنة معها، والتى ألقت بظلالها على أجندة القمة وحيثياتها، كما يتبين على النحو التالى:
• مُشاركة واسعة من القادة والرؤساء: بالإضافة للدولة المُضيفة ورئيسها جومارت توكاييف، شارك فى القمة العديد من الرؤساء والقادة وكبار المسئولين، ومنهم الدول الأعضاء بالمنظمة وبعض الدول ذات صفة شريك الحوار، ومن أبرز المشاركين رئيس أذربيجان إلهام علييف، ورئيس الصين شى جين بينج، ورئيس طاجيكستان إمام على رحمان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين مع مشاركة الرئيس الإيرانى بالإنابة محمد مخبر، والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والرئيس الأوزبكى شوكت ميرضيائيف، والرئيس البيلاروسى ألكسندر لوكاشينكو، والرئيس القرغيزى صدير جاباروف، والرئيس المنغولى أوخناجين خورلسوخ، وصاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمى عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، نيابة عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، ورئيس الوزراء الباكستانى شهباز شريف، ووزير الخارجية الهندى سوبرامانيام جايشانكار، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
• الدعوة لتعزيز الحوار وتوسيع نطاق العضوية: استهدفت القمّة بالأساس تعزيز الحوار المتعدد الأطراف والسعى نحو السلام المستدام والازدهار، مع التركيز على المجالات الرئيسية للتعاون وآفاق التنمية والسلام والأمن وتعزيز الشراكة بين الدول الأعضاء.
• هيمنة الخلافات الداخلية: ألقت الخلافات الداخلية بظلالها على ديناميكيات انعقاد القمة، وخاصة الخلافات بين الصين والهند من جهة، والهند وباكستان من جهة أخرى. ففى العام 2023؛ أجريت القمة افتراضيا لا حضوريا فى الهند خشية استضافة شى بالأراضى الهندية، وفى القمة الحالية لم يحضر رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودى، وحضر وزير الخارجية نيابة عنه.
• مُناقشة عضوية أفغانستان بالمنظمة: وكانت عضوية أفغانستان فى المنظمة من ضمن الملفات التى من المقرر مناقشتها فى الدورة الحالية، وهى تحمل حاليا صفة دولة مراقبة ولكن نظرا لعدم الاعتراف الدولى بحكومة طالبان فلم تشارك الحركة فى الاجتماعات، إلا أنه عشية القمة فى كازاخستان بإزالة حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، ومن المُقرر أن تقدم روسيا على ذات الخطوة قريبا.
• • •
خلصت تلك القمة الرئاسية إلى عدد من القرارات والتوجهات إلى جانب ما تبنته تلك الدول من مبادئ خلال البيان الختامى، لعل أبرزها:
• إقرار الوثائق الاستراتيجية: تمت الموافقة على نحو 25 وثيقة استراتيجية ركّزت على العديد من القضايا المحورية مثل: الطاقة والأمن والتجارة والتمويل وأمن المعلومات. كما تم إقرار إعلان أستانا بشأن مُبادرة الوحدة العالمية من أجل السلام العادل والوئام والتنمية، وكذا استراتيجية التنمية حتى عام 2035 والتى بموجبها تمت إعادة تحديد المُساهمات الجماعية للدول الأعضاء، وتم إقرار برامج التعاون لمكافحة الإرهاب والتطرف للفترة من 2025 إلى 2027. وكذا استراتيجية مكافحة المخدرات للسنوات الخمس المقبلة، بالإضافة لخطة عمل استراتيجية التنمية الاقتصادية حتى عام 2030 واستراتيجيات التعاون فى مجال الطاقة حتى عام 2030.
كما تعهدت الدول بتوقيع مُذكرة تفاهم لتدشين مركز تنسيق المعلومات الإقليمى لآسيا الوسطى وأمانة منظمة شنغهاى للتعاون لمُكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات. بالإضافة إلى تدشين جمعية المستثمرين وبرامج تطوير آليات تمويل أنشطة مشروعات المنظمة بشأن التعاون فى المناطق المحمية والسياحة البيئية. وتم التوقيع على مبادئ حسن الجوار والثقة والشراكة، وتعزيز الإدارة الفعالة للنفايات وضمان سلامة مياه الشرب والصرف الصحى. بالإضافة للاتفاق بشأن استئناف نشاط مجموعة العمل الخاصة بالاستثمارات وكذا التوافق حول المضى قدما فى التسويات بالعملات الوطنية. ودعا البيان الختامى أيضا لعدم عسكرة الفضاء والامتثال لاتفاقية حظر الانتشار النووى وأسلحة الدمار الشامل والأسلحة البيولوجية والسمية.
• الحوكمة العالمية والتعددية: إذ توافقت الدول الأعضاء خلال البيان الختامى وإعلان أستانا على أهمية الالتزام ببناء نظام عالمى أكثر تمثيلاً وإنصافا وتعددية، مع التأكيد أن التعاون داخل المنظمة يمكن أن يشكل الأساس لبنية أمنية مُتساوية ومُتوازنة فى أوراسيا والعالم أجمع، مع تأكيد مبادئ التسوية السلمية للنزاعات وعدم استخدام القوة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، مع ضرورة احترام حق الدول فى اختيار مسارات التنمية بشكل مُستقل.
• انضمام بيلاروسيا: إذ تم إقرار انضمامها لتصبح العضو العاشر بالمنظمة بعدما استكملت واستوفت كافة الإجراءات اللازمة فى هذا الإطار.
• انتقال رئاسة المنظمة للصين: تم التوافق بشأن تولى الصين رئاسة المنظمة حتى 2025 وذلك بعد مضى 7 سنوات على رئاستها الأولى لها، وذلك فى إطار التناوب الدورى على رئاسة المنظمة بين الدول الأعضاء.
• حربا غزة وأوكرانيا: أدانت المنظمة آليات فرض عقوبات أحادية على الدول لما يتسبب فيه ذلك من تقويض التجارة العالمية، كما أدانت «القتال الراهن» الذى أدى إلى وقوع ضحايا مدنيين فى قطاع غزة، داعية لوقف النار.
• • •
تكشف ديناميكيات انعقاد القمة وما خلصت إليه من مُخرجات ونتائج عن العديد من الدلالات وما قد تحمله من تداعيات، لعل أبرزها:
• مكاسب كازاخستان: تُعد تلك القمة ومُخرجاتها بمثابة تتويج لجهود كازاخستان خلال فترة ترؤسها للمنظمة منذ يوليو 2023 على نحو أسهم فى تعزيز دور المنظمة ومكانتها واتساع نطاق عضويتها وتوسيع أفق التعاون بين الدول الأعضاء فى مُختلف المجالات خاصة فى ظل ذلك التوقيت الحرج الذى تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية وتتعقد فيه الصراعات الإقليمية والدولية.
• استمرار وتعمق الخلافات الداخلية: والتى تظل بمثابة التهديد الرئيس لتلك المنظمة غير المُنسجمة داخلياً، ولعل ذلك ما اتّضح من الخطاب الهندى الذى كان يحمل فى طياته هجوما ضمنيا على كل من الصين وباكستان، فى وقت تتخوف فيه الهند من تطور العلاقات الصينية الروسية على نحو قد يهدد مصالحها أيضا؛ مما دفع مودى للإعلان عن زيارة وشيكة لموسكو بعد تلك القمة.
• إحراج الغرب وضعف آلية عزل روسيا وحلفائها: وهو ما يتضح من استمرارية تطور العلاقات بين روسيا ودول المنطقة من جهة، وانضمام بيلاروسيا للمنظمة كعضو كامل العضوية من جهة أخرى، فى خطوة يُنظر لها باعتبارها تحركا ذا معنى سياسى لا أمنى فى المقام الأول فى خضم تطور المواجهات بين الغرب وروسيا وبيلاروسيا فى إطار الأزمة الأوكرانية.
• أوراسيا فى بؤرة المواجهات: يعكس تزايد الاهتمام الروسى الصينى بمنطقة أوراسيا عدم الرغبة فى جعل أى نفوذ للولايات المتحدة والغرب فى تلك المنطقة، بل إن أبرز حلفائها –الهند- قد تراجع نفوذها أيضا بتلك المنطقة خاصة بعدما عقدت القمة الرئاسية العام الماضى افتراضيا لا حضوريا مع خفض مستوى مشاركتها بالقمة الحالية؛ وهو ما يتسق مع الدعوة الصينية للحد من التدخل والنفوذ الخارجى بالإقليم.
كما يتسق ذلك أيضا مع التطلعات نحو أن تكون تلك المنظمة بمثابة مركز قوى مُوازن لنظيراتها فى الغرب وخاصة حلف «الناتو»، وإن كان غياب التوافق وتفاقم الخلافات الداخلية بين الدول الأعضاء قد يحد من تلك التطلعات وقد ينعكس بالسلب على فعالية المنظمة وأهميتها الإقليمية، وفى مقدمة تلك الخلافات صراع النفوذ فى أوراسيا بين الصين وروسيا فى المقام الأول.
وفى التقدير، تظل منظمة شنغهاى للتعاون بمثابة فاعل رئيس تتنامى قوته وأهميته الإقليمية والدولية، وإن كانت طبيعة المنظمة ستظل محل ترقب؛ ما إذا كانت ستتحول لمنصة مُناوئة للغرب ومعادية له فعليا أم لا، وما إن كانت قادرة على أن تضطلع بدورها كتحالف أمنى غير غربى مُوازٍ لحلف «الناتو»، فمثل تلك التطلعات تبقى مرهونة بمدى قدرة المنظمة على تحقيق التنسيق المتبادل والحيلولة دون تفاقم الخلافات الداخلية على نحو يُهدد مُستقبل المنظمة وتماسكها.


مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
النص الأصلي
https://rb.gy/us3x9l

 

قضايا عالمية قضايا عالمية
التعليقات