صباح الجمعة 9 أبريل الماضى تلقى المصريون إعلان مجلس الوزراء عن توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التى تمنح المملكة الحق فى ملكية جزيرتى تيران وصنافير، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم، والجدل لم يتوقف حول حقيقة القضية التى شطرت المجتمع، لا نقول إلى نصفين، بل إلى قسمين أحدهما ينتصر لمصرية الجزيرتين، وشق يدافع عن سعودتهما.
وعقب تظاهرات واحتجاجات واعتقالات طالت عددا من المدافعين عن مصرية الجزر، أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها التاريخى فى 21 يونيو الماضى، القاضى بأن تيران وصنافير مصريتان أبا عن جد، بعدها اختارت الحكومة الطعن على الحكم أمام المحكمة الادارية العليا، وتوسعت الأذرع الإعلامية الموالية فى الهجوم على من يقول بمصرية الجزيرتين، وراح عدد من رجال القانون وأساتذة الجامعات المؤيدين لرؤية الحكومة، يحاربون فى معركة سعودية تيران وشقيقتها صنافير.
شيئا فشيئا بدأ الصوت المؤيد لمصرية الجزيرتين يتوارى، ليس ضعفا وإنما بتجفيف المنابر التى يمكن أن يطل منها على الناس، فى مقابل إعطاء الفرصة الأوسع لأصحاب نظرية سعودية تيران وصنافير، وفى هذا الإطار جاءت الندوة التى عقدها المجلس الأعلى للثقافة يوم الأربعاء الماضى، وحضرها وزير الثقافة الزميل والكاتب الصحفى حلمى النمنم، وعدد من فقهاء وأساتذة القانون ونواب بالبرلمان وإعلاميون.
الندوة التى حملت عنوان «تيران وصنافير فى القانون الدولى» تبارى خلالها الحضور فى الدفاع عن سعودية الجزيرتين، وتخللها أيضا إعلان وزير الثقافة عن نية الوزارة طبع كتيب موثق بالخرائط عن تيران وصنافير، تثبت أنهما سعوديتان (حسب ما نقله الزميل أحمد بدراوى ــ الشروق 12ــ 8ــ2016)، وأشار النمنم إلى أنه التقى عقب الجدل الذى أثير رئيس الجمعية الجغرافية المصرية الذى أكد له «أن جميع الخرائط والوثائق أثبتت أنهما سعوديتان وليستا مصريتين».
كلام النمنم عن اعتزام وزارة الثقافة اصدار وثائق تثبت سعودية تيران وصنافير، دفعنى إلى الاتصال بالدكتور محمود الضبع نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، لمعرفة التوقيت الذى يمكن أن يصدر فيه الكتاب، الضبع أخبرنى أنه فى اجتماع مع رئيس دار الكتب والوثائق القومية الدكتور شريف شاهين، فى ذات اللحظة، حيث أكد الرجلان وأنا أسمعهما عبر الهاتف أنه لم تصل إلى الدار أو الهيئة أية أوراق رسمية بهذا الخصوص حتى الآن.
وفى شهر مايو الماضى تحدثت تقارير عن توصية وزير الثقافة، بسرعة طباعة كتاب للكاتب الصحفى رئيس تحرير «الاسبوع» الزميل مصطفى بكرى تحت عنوان «تيران وصنافير الحقيقة الكاملة»، وأشارت إلى أن النمنم وقع بنفسه على تأشيرة متخطيا الروتين المعتاد، بضرورة عرض الكتاب على لجنة للقراءة والإجازة، لكن الدكتور هيثم الحاج على، رئيس الهيئة العامة للكتاب قال وقتها إن بكرى تقدم بطلب لطباعة كتابه منذ ثلاثة أسابيع، وأنه سوف يمر بالمراحل المعمول بها فى الهيئة، شأنه شأن أى كتاب آخر مقدم لهيئة الكتاب دون أية استثناءات، وهو ما دفع بكرى على ما أظن إلى طباعة كتابه عن دار «الأسبوع للصحافة والنشر».
كتاب بكرى الذى يركز على إثبات ملكية الجزيرتين للسعودية، قابله كتاب أصدره الدكتور عبدالله الأشعل المرشح الرئاسى السابق، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، حمل عنوان «الحقائق والأساطير حول مصرية تيران وصنافير» الذى يقدم فيه رؤية مغايرة، وحسب معلوماتى فإن الكتاب خرج للنور بصعوبة بعد أن رفضت العديد من دور النشر طباعته.
اليوم عندما يتحدث وزير الثقافة عن نشر وثائق تؤيد سعودية تيران وصنافير بأموال دافعى الضرائب المصريين، هل لى أن أسأل عن إمكانية قيام الوزارة بطبع الوثائق المضادة، ولتكن الوثائق التى أصدرت محكمة القضاء الإدارى بمقتضاها حكمها بملكية مصر للجزيرتين؟ وهل ينتصر المثقف حلمى النمنم لقيم الديمقراطية والتعددية، أم ينحاز للتعليمات الإدارية، وقيود الوظيفة الرسمية؟! مجرد سؤال.