رجل هذا الزمان - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 11:27 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رجل هذا الزمان

نشر فى : الجمعة 15 سبتمبر 2023 - 6:35 م | آخر تحديث : الجمعة 15 سبتمبر 2023 - 6:35 م
منذ بداية الثلاثينيات ومع عرض فيلم الكوكايين إخراج توجو مزراحى والمجابهة لا تتوقف بين طرفين، ضباط الشرطة الذين عليهم مطاردة المهربين أو المدمنين ومنع دخول أنواع المخدرات داخل الوطن، أما الطرف الثانى فهم تجار المخدرات بجميع أنواعهم الذين يربحون الكثير من عملياتهم التى يجب أن تتم بعيدا عن أنظار الشرطة، كان الصراع حازما بقوة وكم امتلأت الشاشة بقصص التهريب الممزوجة بالحب والزواج والخيانة والقبض على المجرمين، فى الكثير من هذه الأفلام كانت هناك إشارة واضحة أن المهربين ينتمون إلى أعلى طبقات المجتمع وخاصة المسئولين وخاصة فى فيلم سمارة، وقد ظل هذا الحال إلى فترة قريبة وفى فيلم رجل لهذا الزمان إخراج نادر جلال 1986، تجلى الصراع بين الطرفين، كتب السيناريو وحيد حامد الذى اتسم بالجرأة منذ فيلمه الأول «طائر الليل الحزين» الذى كان يشير دوما إلى أن بعض أصحاب المسئوليات يسئيون استغلال السلطة من خلال التهريب وإدارة عصابات الدعارة، وكانت القصص تنتهى دائما بالقبض على بعض زعماء العصابة وهم من أعلى المجتمع، الآن لم تعد مثل هذه الأفلام موجودة، حتى فى القنوات المحلية ولكنها تعرض فى القنوات العربية التى يتم بثها بقوة داخل مصر ومنها الفيلم الذى نتحدث عنه حيث يدخل القضاء ضمن الصراع، بينما يبدو رجال الشرطة بعيدين عن ساحة المواجهة، هو فيلم من نوع البطل الفرد فالقاضى الشريف الذى حكم بنص القانون وجد نفسه فى متاعب بعد أن حكم على عتريس بالسجن المؤبد، فتم اختطاف ابنته وتم أيضا اختطاف عتريس فى عربة الترحيل ثم قتلوه حتى لا يقول ما لديه، قرأ القاضى هنا خريطة ما يحدث وقرر أن ينزل بنفسه إلى الشارع للبحث عن ابنته وتقصى الحقائق دون الاستعانة بالشرطة، حسب عنوان الفيلم فهو رجل لهذا الزمان، خذ حقك بيديك، ويعاونه فى ذلك خطيب ابنته، أدرك الرجل إذن أنه لن يستعيد ابنته إلا بنفسه فذهب إلى مقابلة طليقة عتريس الذى قتل، وتعاطفت المرأة معه وبدأت فى مساعدته وهو الرجل العجوز، الأشبه بالنائب عاليه الذى نطق بالحق حتى قضيته الأخيرة، الفيلم بالغ الجرأة لأن السلطات تركت رجلها القاضى لاستحضار ابنته بنفسه كما أن الفيلم أشار إن عصابات التهريب والفساد يترأسها أشخاص فى أعلى درجات المجتمع حيث تجتمع السياسة مع المال، هكذا كانت جرأة وحيد حامد، ولعلنا نلاحظ تشابه الأدوار التى كان يلعبها عادل أدهم، فهو أحد مراكز القوة فى فيلم «طائر الليل الحزين» ورغم أنه فى فيلمنا هو فى قمة وظائف المجتمع فإنه رجل من الماضى يحكم بالقانون مهما تعرضت وحيدة للخطر.
ينتمى الفيلم إلى فترة الثمانينيات حيث الفساد الاجتماعى مستتب، وكم من أفلام تعرض يوميا تكشف أن الكثير من أصحاب المسئولية قد صاروا دليل أدانه وفساد مع وجود نهايات مفتوحة، وأن هذا الفساد يصل إلى عضوية مجلس الشعب وأعضاء فى الحكومة وأن الكثيرين يستخدمون ما لديهم من حصانة إلى بلوغ أهدافهم، هكذا نرى الآن هذه الحقبات من الأزمنة، فبعد أن كان لرجل الدولة هيبته أصبح يشار إليه بالأصابع أنه فى خانه الأجرام، ترى هل ساعدت السينما فى القضاء على الهيبة التى يتمتع بها أى مسئول ولهذا تحولت السينما منذ عشرين عاما إلى الكوميديا الساذجة وكأن كل مشاكل الحقبة التى يتحدث عنها الفيلم قد راحت وذهبت مع الريح، كان المخرج نادر جلال هو بطل تلك الحقبة فى أفلام كان يخرجها من بطولة نادية الجندى وأحمد زكى ونجوم تلك المرحلة وكم اختار كتابه بعناية ومنهم وحيد حامد وبشير الديك.
التعليقات