ما من رئيس أو زعيم أو رئيس حكومة فى الدول الديمقراطية يتسلم السلطة عبر انتخابات رئاسية أو اختيار برلمانى عبر ممثلى الشعب إلا ويكون أول ما يفعله هو أن يتعرف بدقة على الوضع الحقيقى الذى تسلم عليه البلاد ويصارح الشعب بالحقيقة ثم يقدم للشعب رؤيته حول ما سيفعله خلال فترة رئاسته، فحينما جاء أوباما للسلطة بعد اختياره خلفا لبوش قدم للشعب الأمريكى صورة عن كافة الأوضاع فى الولايات المتحدة وحمل الرئيس بوش وإدارته مسئولية ما وصلت إليه البلاد، ثم قدم رؤيته للحل والمخرج من ثم فإن حساب الشعب له يكون على ما سوف ينجزه وليس على ما الميراث الذى ورثه وهكذا فعل الرئيس الفرنسى أولاند بعد ساركوزى، وهكذا يفعل معظم الرؤساء والزعماء، لكن الرئيس مرسى لم يخرج حتى الآن على الشعب المصرى ليخبره ما هو الميراث الذى تركه نظام مبارك ومن بعده المجلس العسكرى وكيف تسلم البلاد، وقد طالبت وطالب غيرى الرئيس محمد مرسى مرارا بأن يخرج على الشعب المصرى منذ أول يوم تم اختياره فيه رئيسا ليقول للشعب المصرى حقيقة الأوضاع التى أوصل النظام السابق إليها مصر والميراث الذى ورثه وماذا سيفعل خلال فترة رئاسته للخروج بمصر مما هى عليه وفق رؤية واضحة شاملة وخطة إنجازات يحاسبه عليها الشعب فى نهاية فترة رئاسته، لكن الرئيس حتى هذه اللحظة لم يفعل وغرق مع إدارته فى سياسة رد الفعل وليس الإنجاز والفعل، وفى بلد يعانى من ظروف داخلية معقدة مثل مصر كان ينبغى للرئيس أن يركز فى التواجد داخل البلاد وتقديم الحلول للمشكلات بدلا من الرحلات الخارجية الكثيرة التى لم نر لها الأثر الفاعل على الأرض لأن كثيرا منها يدور فى إطار البروتوكولات التى ليست مصر بحاجة لها فى هذه المرحلة، فدولة ليس بها مجلس نواب حتى الآن ولازالت فلول النظام السابق بها تتحكم بكافة مفاصل الدولة، ولا تتوقف فيها التظاهرات ويخرج البلطجية على الناس ليفرضوا الإتاوات ويستولوا على السيارات فى وضح النهار كلها أمور بحاجة إلى حلول جذرية وعاجلة، ورغم أن الرئيس لم يفرق فى البداية بين وعد المائة يوم لفهم الأوضاع ووعد المائة يوم لتحقيق الانجازات، إلا أنه لم يتحدث بعد ذلك عن أية مدة زمنية لتحقيق أى إنجاز بعدما تبخرت المائة يوم الأولى دون تقديم أى رؤية للإنجاز، حتى الانتخابات البرلمانية التى أعلن عن إجرائها ويأمل أن تكون مخرجا للبلاد مما هى فيه، خرجت محكمة القضاء الإدارى فأوقفتها وسط فوضى من القانونيين فى تفسير القوانين وشرح الأحكام بعدما أصبحت محاكم القضاء الإدارى تتدخل فى كل شىء وكأنها هى التى تحكم البلاد وتديرها وليس الرئاسة أو الحكومة.
إن للحكم أصولا ومن أبسط أصول الحكم أن يخرج علينا الرئيس ليقول لنا كيف تسلم البلاد بالتفصيل، ثم يخبرنا بعد ذلك برؤيته للخروج من هذا المأزق ومن هم الرجال الذين سوف يتحملون المسئولية معه أما السير فى الضباب بهذه الطريقة فإنه يتحمل مسئوليته أمام الشعب ثم أمام الله والتاريخ.