هذا هو الفيلم الأول للمخرج عز الدين ذو الفقار عام 1947، الذى كتب قصته المأخوذة عن رواية تركية بعنوان تحت ظلال الليلك للكاتبة مبرورة سامى، وهى رواية نشرت فيما بعد كاملة فى سلسلة مطبوعات كتابى فى مصر، التى كان يصدرها حلمى مراد، الفيلم من بطولة، مديحة يسرى، وسراج منير، ومحمود المليجى، وتدور الأحداث حول فتاة تهرب من أسرتها بسبب معاملة زوجة الأب القاسية وتععمل بأحد المستشفيات وتتعرف على فاقد البصر يعانى من مشكلة عاطفية بعد خيانة زوجته السابقة له مع رجل آخر وانعكس ذلك على معاملته القاسية والجافة مع الممرضة التى أصرت على الوقوف بجانبه حتى يتم شفاؤه، وبسبب هذه الممرضة تحدث غيرة من عشيقة الأخ التى تقوم بقتله بسبب محاولات تحرشه المستمرة بالممرضة.
هذه أيضا هى قصة الفيلم قبل الأخير الذى أخرجه وكتبه عز الدين ذو الفقار بعنوان الشموع السوداء إنتاج 1962 وفيه قامت الفنانة والمطربة نجاة بدور الممرضة بدلا من مديحة يسرى وكان صالح سليم هو الكاتب أحمد فاقد البصر الذى لعب دوره فى الفيلم الأول الفنان سراج منير بينما قام الفنان صلاح سرحان بدور الأخ الندل وهى الشخصية التى جسدها الفنان محمود المليجى فى الفيلم الأول.
يختلف فيلم الستينيات إلى حد ما عن الفيلم الأول من خلال الإضافات التى شارك فيها الصحفى ضياء الدين بيبرس، حيث بدأت الأحداث بوصول الممرضة إلى قرية بعيدة دون إشارة إلى ما عانته أسرتها فهى مقطوعة العلاقات مع أهلها، ورأينا فيلما طويلا تدور أحداثه فى إحدى القرى المنعزلة بمدينة أبو حمص فيما يشبه أجواء الغموض المرعبة التى تصلح لأفلام الإثارة ولم نر فى الفيلم سوى شخصيات محدودة فيما يشبه الفيلم الأسود وتضمن الفيلم ثلاث أغنيات طويلة جدا ساعدت فى شعور مشاهديه بالملل وهى قصيدة «لا تكذبي»، «وايه هو ده»، «وكل شىء راح وانقضى»، وقد طال الحوار حول قصيدة لا تكذبى، حين قرأتها له الممرضة باعتبارها من تأليفه هو شخصيا بعد معاناة من تجربة خيانة حبيبته السابقة فأصيب بعقدة جعلته يرى كل النساء خائنات كما كانت رابعة العدوية فى النصف الأول من حياتها على لسان الشاعر المريض، على المستوى الشخصى، تبدو أجواء الفيلمين مظلمة بدون أى بادرة أمل، بل إن هناك جريمة قتل تصبغ الفيلم بالكآبة، هذه هى أيضا أجواء الرواية التى تدور على لسان الممرضة التى ذهبت تعمل فى بيت ريفى وهى تحكى عن تجربة حياتية خاصة.
كنت أتمنى لو قام أحد هواة جمع الأفلام القديمة بالبحث عن النسخة الأصلية فى اليوتيوب من فيلم «أسير الظلام» كى نقارن بين أداء ممثل الأربعينيات المفضل سراج منير وأداء لاعب الكرة صالح سليم صاحب الصوت المميز الذى اعتمد على نبرته الغليظة كى يعوض بها ضعف خبرته كممثل لأنه ضرير لا يرى ما حوله، كما أن هناك فارقا كبيرا بين مديحة يسرى ونجاة الصغيرة ولا نعرف أين ذهب أصل هذا الفيلم، وعلى كل فإن القيمة الفنية للفيلم الأحدث قد تعوض ضياع الفيلم القديم لا سيما أن المخرج عز الدين ذو الفقار قد بدا أكثر نضجا كمخرج، ومن خلال تقويم المخرج عز الدين ذو الفقار فى فيلم الخلود وهو عمله الثانى فإن أفلامه تتميز دائما بالأجواء الرومانسية المغلفة بالغموض واستعانته بنجوم كبار متميزين وموهوبين فى الأداء.