هل انتهى عصر فضائيات الكلينكس؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:42 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل انتهى عصر فضائيات الكلينكس؟

نشر فى : الإثنين 16 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 16 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

مساء السبت اتصلت بى زميلة لتخبرنى أن قرارا بإغلاق قناة «الفراعين» سوف يصدر خلال وقت قصير. من دون وعى قلت لها: «الحمد لله.. أخيرا هناك قرار صحيح».

بعد انتهاء المكالمة شعرت بالغضب لأننى ضبطت نفسى فى حالة فرح لإغلاق منبر إعلامى حتى لو كنت مختلفا معه.

أعرف بالضبط شعور الصحفى أو الإعلامى الذى تغلق صحيفته أو قناته الفضائية، جربت هذا الشعور مرتين فى بداية عملى الصحفى، عندما أغلقت أجهزة أمن مبارك صحيفتى «صوت العرب» الناصرية عام 1988 و«مصر الفتاة» عام 1992.

وفى هذا المكان كتبت ــ قبل أكثر من عام ــ مدافعا عن قناة الفراعين حينما صدر لها قرار إغلاق إدارى.

لكن عندما يضبط الصحفى السوى نفسه سعيدا بإغلاق منبر إعلامى، فمعنى ذلك أن هذا المنبر قد وصل إلى درجة من الفجور يصعب تصورها أو تحملها وأنه نجح فى أن يخرج أسوأ ما فينا.

كنا نأمل أن يكون قرار الإغلاق قضائيا، لكن سلامة المجتمع فى بعض الأوقات تجعل المرء يتخلى مؤقتا عن الكثير من قناعاته.

لو أن الموساد الإسرائيلى وكل أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية التى تتربص بمصر أرادت أن تدمر الروح المعنوية للشعب المصرى، ما فعلت أكثر مما فعلته قناة الفراعين وبعض البرامج المماثلة فى فضائيات أخرى.

عندما يتم فتح مثل هذه القنوات لتدمير وتشويه واغتيال سمعة كل السياسيين والإعلاميين ومن دون دليل، وعندما يصبح الشتم والردح والسب واستعمال كل قاموس البذاءة شيئا طبيعيا فأنت تقدم خدمة مجانا لكل الأعداء وتدمر منظومة القيم والأخلاق فى المجتمع لسنوات طويلة.

وإذا كان كثيرون قد تعاطفوا مع إغلاق بعض القنوات الدينية يوم 3 يوليو الماضى، ووقتها قلنا إن ذلك لا يعنى محارية الإسلام، فإن إغلاق الفراعين لا يعنى ايضا محاربة الحريات  بل يبعث برسالة خلاصتها أنه لا فرق بين إسلامى وفلولى حينما يتعلق الأمر بسلامة المجتمع وأمنه.

وبما أننا نعيش تحت سيف قانون الطوارئ الكريه ويشكو بعضنا من أنه خطر على حريات التعبير والاحتجاج، فليكن لهذا القانون جانب إيجابى يردع الشتامين والسبابين والرداحين.

مثل أى إنسان سوى ومؤمن فعلا بالديمقراطية أتمنى أن تنتهى الطوارئ فورا، لكن إذا استمرت ــ لا قدر الله ــ فليس من المنطقى أن توجه ضد القوى السياسية فى المجتمع أو حتى ضد الإرهابيين فقط. ويمكن  من أجل حماية المجتمع أن نستخدمها لوقف مثل هذه النوعية من القنوات والبرامج.

لم يكن يتصور الإنسان نفسه أن يشكر أجهزة الدولة لأنها أوقفت وسيلة إعلامية أو صحفية وأغلقتها، لكن الحالة المنفلتة التى أوصلتنا إليها مثل هذه الفضائيات تجعلنا نفكر بمثل هذه الطريقة غير الطبيعية.

مثل هذه القنوات وبعض الشخصيات المنفلتة من كل عقال تروج ليل نهار أنها تعمل بأوامر أو لحساب جهات سيادية، سألت بنفسى أكثر من شخص فى الحكومة  فأنكروا جميعا، وإغلاق الفراعين قبل يومين يعزز هذا الإنكار.

المهم الآن هو إيجاد آلية لمنع تكرار واستنساخ مثل هذه القنوات والبرامج.

ونتمنى أن يكون هناك ميثاق شرف إعلامى حقيقى، ونتمنى أن يكون هناك قانون رادع يعزز الحريات ويردع بلطجية الفضائيات الجدد، والأهم من كل ذلك أن تصل رسالة واضحة إليهم أن بلطجتهم لن تستمر، وأن يدركوا أنهم كانوا مجرد «مناديل كلينكس» يلقى بها بعد الاستخدام.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي