المريض.. والطبيب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المريض.. والطبيب

نشر فى : الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 8:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 8:55 ص

انفتح بطن الوطن، ولم يعد فى الإمكان أن يعود كما كان قبل 25 يناير الماضى. الأمر باختصار متوقف على وجود الطبيب الماهر ومعه سائر فريق التمريض، ليس فقط ليتمكن من إغلاق بطن المريض، بل وليجعله أكثر شبابا وحيوية.

 

المشاكل التى تصاحب إجراء العملية الجراحية المفاجئة لهذا الوطن كثيرة ومعروفة، أهمها أنها من دون تخدير، ومن دون أدوات رئيسية فى عمليات الجراحة، بل هناك احتمالات أن غرفة العمليات صارت ملوثة. أما الأخطر فهو أن هناك بلطجية اقتحموا المستشفى ويحيطون بغرفة الجراحة ويريدون اقتحامها كى يقتلوا المريض، أو على الأقل يمنعوا إجراء العملية الجراحية حتى يظل المريض كسيحا ومشلولا ومعوقا، وهى الحالة الوحيدة التى تبرر وجودهم.

 

مشكلة أخرى صارت تتفاقم وهى أن أصحاب وأقارب المريض الذين أدخلوه غرفة العمليات فى 25 يناير الماضى، صاروا يختلفون فيما بينهم على تشخيص حالة المريض، بعضهم يؤكد أنه يحتاج عملية قلب مفتوح، وآخر يصر على أنها زرع كبد، وثالث يقول إن هناك نزيفا حادا فى الدماغ، ورابع يتحدث عن مشاكل فى المعدة، وخامس يجزم أنه سرطان فى مراحل أخيرة، ولا حل إلا انتظار المصير المحتوم.

 

نتيجة هذا الخلاف بين أقارب المريض أنهم لم يوقعوا حتى الآن على ورقة مشتركة يتم تقديمها لإدارة المستشفى تفيد أنهم موافقون على إجراء العملية طبقا للمواصفات القياسية والمتعارف عليها عالميا.

 

خلاف أهل المريض وعدم توقيعهم على الورقة جعل البلطجية الذين اقتحموا المستشفى يعتقدون أنهم صاروا أقرب إلى المريض وبالتالى تحقيق هدفهم.

 

هؤلاء الأهل ومع غمرة انشغالهم فى بدايات الأزمة، لم يلاحظوا أن الجنود المسئولين عن الأمن اختفوا من أمام المستشفى، وحتى عندما أدركوا ذلك، ورأوا البلطجية يقتحمون المستشفى، لم يجعلوا طردهم هو الأولوية الأساسية لهم، بل إنهم تظاهروا بأن المشكلة انتهت عندما عاد بعض الجنود ــ بصورة شكلية ــ ليقفوا أمام المستشفى دون أن تكون لديهم الأدوات، أو حتى الإرادة.

 

أهل المنطقة أو الجماهير قرروا الاستسلام والعودة إلى السلبية المطلقة والجلوس على الكنبة فى المنزل الريفى انتظارا لما سيحدث دون تكليف أنفسهم مشقة زيارة المريض ودعمه وحمايته من المتربصين بحياته، رغم أن أى ضرر يلحق بالمريض سيؤثر على مستقبلهم. وبعد حوالى تسعة أشهر من الانتظار فى غرفة العناية المركزة فإن الكثيرين بدأوا يعيدون النظر فى كل شىء، خصوصا فى نوايا الطبيب وهيئة التمريض، وبعضهم بدأ يهمس فى أن الطبيب ربما ليس راغبا فى إجراء العملية الجراحية معتقدا أنها مجرد دور برد شديد، وان المريض سوف يعود لحياته السابقة بعد أن يتناول بعض المسكنات!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي