نشرت صحيفة The Wall Street journal مقالا للكاتب Peter Cappeli يوضح فيها الأسباب التى بسببها لن يستمر العمل من المنزل لفترة طويلة خاصة بعد انتهاء أزمة الوباء.. نعرض منه ما يلى.
تجربة العمل من المنزل طالت مدتها بما يكفى، لذلك فالسؤال الآن ماذا سيحدث للمكتب؟ وهل نحن بحاجة إليه؟
يذكرنا التاريخ بأن الأيام الأولى من الثورة الصناعية بدأت بأعمال تجارية قام بها الناس من منازلهم. وبعد ذلك، ظهرت فكرة وجوب الالتزام بالعمل من المكتب، حتى لو كان من الممكن القيام به عن بعد. استثمرت مبالغ ضخمة فى تجهيز المكاتب حتى يتم الارتقاء بكفاءة الموظف، وكلف ذلك أيضا الكثير من المبالغ حتى يتم الانتقال من وإلى العمل.
الكثير يفكر الآن فى أنه قد حان الوقت للتخلص من نموذج العمل من المكتب. ولكن لا يعتقد الكاتب أن ذلك سيحدث.
فكرة التخلص من المكاتب أو تقليص مساحتها هى بالطبع لتوفير المال. أيضا هناك اعتقاد بأنه إذا ابتعد الناس عن المناطق الغالية مثل وادى السيليكون ونيويورك للعمل عن بعد، سيمكن تخفيض مرتباتهم. إلى جانب ذلك، يبدو أن الموظفين يفضلون العمل من المنزل.
المشكلة فى رأى الكاتب أن الفترة الراهنة غريبة، لا تقول لنا الكثير عن كيف سيكون الحال بعد الجائحة. صحيح أن الاستبيانات التى أجريت عكست رضا الموظفين الذين يعملون من المنزل وتحقيقهم توازن بين الحياة والعمل، ورغبتهم فى الحصول على مزيد من الفرص للعمل من المنزل بعد الوباء.. لكن هذا لا يعنى عدم الذهاب إلى المكتب مرة أخرى.
العمل عن بعد أفضل من عدم العمل أو العمل فى مكاتب مزدحمة أثناء الجائحة، ولكن هذا لا يعنى أن العمل من المنزل أفضل وأن الوضع الجديد أفضل مما كان عليه قبل الوباء، فبالنسبة للشباب ومن ليس لديهم أطفال، عدم وجود مكتب يعنى انخفاضا حادا فى الحياة الاجتماعية. فأفاد 58% من الأشخاص أنه بالإمكان مواعدة شخص ما بالعمل فى حين أنه لا يمكن القيام بذلك من على منصات مثل زووم على سبيل المثال.
هناك أيضا سوء فهم حول العمل عن بعد، ففكرة دفع مرتبات أقل لمن يعملون فى منازلهم فى بيئات أو مجتمعات ذات تكلفة منخفضة خرافة. فمن المستحيل أن ينقل شخص مكان سكنه على سبيل المثال من وادى السيليكون إلى آيوا على أساس الوعود بأن الشركة الكبيرة التى يعمل فيها ستستمر إلى أجل غير مسمى. بالطبع هذا لن يحدث، ومن يسكن فى سيليكون فالى يكون صوب عينه الحصول على فرصة عمل جديدة فى مكان أفضل. ولذلك لا يصب ذلك فى صالح الموظف.
من الأفكار الأخرى التى نسمعها أيضا هى فكرة دفع المرتبات بناء على الوقت فى العمل. فإذا كان يتم الدفع للعامل لجلوسه فى المكتب فى ساعات العمل حتى لو لم يكن هناك عمل مكلف به، ففى العمل من المنزل يمكن أن يتم الدفع للعامل فى مقابل ما يتم تكلفته به فقط.
هناك الكثير من الأعمال المعطلة بسبب الجائحة، لذلك هناك القليل من العمل للقيام به. قام الموظفون بأعمالهم عن بعد وقت الأزمة، ولكن ليس من المتوقع أنهم سيستمرون فى ذلك. يستثمر أرباب العمل الآن بشكل كبير فى تكنولوجيا المراقبة لمتابعة من يعملون بمنازلهم، مما يعنى أنهم لا يوافقون على سير العمل عن بعد.
المكاتب مهمة برغم أنها مكلفة. التفاعل بين الموظفين يساهم فى إنجاز العمل، خاصة فى المشاريع والمهام التى تتطلب التعاون. وطقوس المكتبــ استراحات القوة والمحادثاتــ مهمة لحياتنا الاجتماعية. يصعب الاستفادة من كل هذا من خلال المحادثات الافتراضية. التحدى الذى يواجهه المدراء الآن هو كيفية استمرار ثقافتهم التنظيمية.. التخلص من المكاتب بشكل كامل ينبع فقط من الرغبة فى خفض التكلفة، إلا أن ذلك يعد مخاطرة كبيرة.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى
https://on.wsj.com/37eFtS8