صراخ البيوت - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صراخ البيوت

نشر فى : الإثنين 17 أكتوبر 2016 - 10:45 م | آخر تحديث : الإثنين 17 أكتوبر 2016 - 10:45 م
بعيدا عمن شكك أو من هلل لـ«خريج التوك توك»، الذى انتشرت كلماته، المرتبة الواضحة، عبر مواقع التواصل الاجتماعى، كما النار فى الهشيم، لا أحد يستطيع إنكار الحال الذى وصلنا إليه بعد خمس سنوات من ثورة 25 يناير، وثلاث سنوات من 30 يونيو وعامين من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى.

خرج المصريون عن بكرة أبيهم إلى الشوارع والميادين لأكثر من مرة بحثا عن العدل الاجتماعى، والكرامة الإنسانية، والعيشة المستورة، غير أن الأيام مضت على غير ما تشتهى السفن، وإذ بنا نخرج من أزمة لنقع فى أخرى، وفى كل مرة، نلوك الأسباب، ونهاجم المتسببين فى أزمات الوضع الحالى.

من دون تهوين أو تهويل، أصبح غالبية المصريين يضعون أيديهم على جيوبهم، متحسسين ما فيها من جنيهات قليلة تبقت من اليوم السابق، علها تسترهم فى النهار الحاضر، وسط غلاء تشوى نيرانه الشريحة الأعظم من الناس ممن يكافحون من أجل البقاء، فى مواجهة سعار التضخم الرهيب، فيما حديث البيوت لا ينقطع، عن اختفاء السكر لدى العديد من البقالين، وارتفاع ثمن الأرز، ورغم سعى وزارتى التموين والداخلية لضرب المحتكرين، فالحقيقة القائمة أن المعاناة لا تتوقف.

وفى خضم الأنين اليومى من الغلاء، وقلة ما باليد من أموال، تحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى ساحة للصراخ، وبث الشكوى، بعد أن فشل الإعلام التقليدى فى عكس مشاكل الناس، التى أدارت ظهرها لمن يتولون تخدير العقول ببرامج مصنوعة، لم تعد ألاعيبها و«شخط ونطر» مذيعيها وإعلامييها تجدى نفعا فى إقناع أحد بأن الواقع جميل، أو يمكن تجميله، فالكلام لا يخلق كيسا للسكر أو الأرز من العدم، وشغل البيوت بالقضايا الهامشية لم يعد ينطلى على أحد.

هل يدرك القائمون على الإعلام المزيف أى جرم يرتكبون بحق هذا البلد الطيب أهله؟، انصراف الناس عن وسائل الإعلام التقليدية، وغياب المعايير فى الوسائط الجديدة يهدد بكارثة، لأن الناس عندما تذهب إلى مواقع التواصل الاجتماعى تستقى منها المعلومات، وقليلها صحيح وغالبيتها إما انطباعات شخصية لكتابها، أو آراء لمن لهم أغراض فى الداخل والخارج، نجد أنفسنا كمجتمع نهبا للشائعات وغياب الحقائق، بما يهدد سلامنا الوطنى ذاته.

صراخ الناس لا يصلح معه التصريحات الوردية عن محاربة الفساد، لأن الإمساك بالفسدة طريقه معروف، وهو طريق لا يعرف التصالح أو الطبطبة، فمحاربة الفساد فى جوهرها معركة ضد الإرهاب، كما أن الأعباء الاقتصادية التى تطالب الحكومة الشعب بتحملها يجب أن توزع بالعدل ولا نقول التساوى، فأصحاب الدخول التى لا تعرف سقفا لا يتساوون مع محدودى الدخل أو الفقراء الذين كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أخيرا، ارتفاع نسبتهم إلى 27.8% خلال عام 2015 مقابل 25.2% عام 2010 ــ 2011.

يريد الناس أن يلمسوا صدق التصريحات فى السعى لإصلاح منظومة التعليم الفاشلة، وتحسين مؤسسات الصحة، وأن يطمئن المريض أنه سيجد الرعاية التى كفلها له الدستور، وأن يضمن الخريج أن فرصة العمل والمسكن متوفرة بما يليق بصاحب كل تخصص من الموهوبين،
وأولئك الذين أضاعوا من أعمارهم سنوات طوال لتحصيل العلم واكتساب المهارات.

لا نريد انحدارا جديدا لما تبقى من الطبقة الوسطى المتآكلة، ولا فتح الأبواب أمام شرائح جديدة من الفسدة واللصوص لارتقاء السلم على ظهور الجوعى والمعدمين، ومن يكافحون ليل نهار لتدبير لقمة عيشهم، لا نريد إغلاق نوافذ الأمل فى وجوه الناس، بعد أن ضاق بهم الحال، ولم يعد لديهم قدرة على تحمل المزيد من الأعباء.

وإلى سماسرة الإعلام ومنافقيه.. رفقا بالوطن إذا كنتم له، كما تزعمون، محبين.

 

التعليقات