لا يزال صدى احتفال الشباب بصعود مصر إلى نهائيات كأس العالم فى روسيا يثير اهتمام كتاب، وباحثين، لأنهم رأوا فيه حيوية لشباب حديث السن عادت إلى الشارع مرة أخرى. كتبت الأسبوع الماضى عن هؤلاء الشباب الذين طالبت البحث الاجتماعى بالمساعدة فى معرفة خريطة اجتماعية وثقافية لهم حتى يكون ذلك مقدمة لتصميم سياسات عامة لتعظيم مشاركتهم فى الشأن العام، وليس فقط خلال حادث بعينه.
منذ أيام قرأت دراسة مهمة حديثة عن المشاركة والتهميش، استندت إلى عدد كبير من التجارب من دول الجنوب والشمال على السواء، وخرجت بنتيجة مهمة أن المشاركة ليست وصفة جاهزة ولكنها تعبير عن قدرة المجتمعات على ابتكار أشكال من تفاعل المواطن مع البيئة المحيطة به، والمشاركة فى شئونها، والعمل على تطويرها، والتصدى لمشكلاتها. هناك اتجاهان أساسيان فى مجال المشاركة.
وهناك اتجاهان فى المشاركة: الأول المشاركة بناء على دعوة، والثانى المشاركة الشعبية المنظمة.
يُقصد بالمشاركة بناء على دعوة استدعاء المواطن فى مناسبات معينة للمشاركة فى الشأن العام سواء من خلال تصويت فى انتخابات، أو لجان استماع لبعض القوانين، أو مظاهرة تأييد، أو توقيع عرائض أو بيانات، أو إبداء الرأى فى استطلاعات معينة، إلخ، وهو كما يبدو نوع من المشاركة يجعل صانع القرار وحده هو الذى يقرر متى يفتح، ومتى يغلق استدعاء المواطنين فى الشأن العام.
أما المشاركة الشعبية المنظمة فهى التى تقوم على وجود أطر وأشكال ومؤسسات تجعل المشاركة دائمة، سواء فى الشأن المحلى أو الشأن القومى، بحيث يكون المواطن على اتصال مهم بالبيئة التى يعيش فيها. بالطبع المحليات ينبغى أن تلعب هذا الدور. وفى كل التجارب المتقدمة، والتى بدأت تنتقل إلى الدول النامية ومن بينها إفريقيا نجد المشاركة تمر الآن عبر بوابة حضور المواطن المستمر فى المحليات، على نحو دائم مستدام، وتلعب المنظمات غير الحكومية دورا مهما فى هذا الشأن. بعضها يصب فى المشاركة فى صنع القرارات، وبعضها يتعلق بالرقابة والمساءلة الشعبية للخدمات العامة.
بصراحة نريد أن نضع إطارا ثابتا لمشاركة الشباب، وهذا لن يتحقق إلا فى نظام محلى يقوم على المشاركة، ولا نكتفى باستدعاء المواطن أو دعوته للمشاركة من آن لآخر، لأن ذلك لا يوفر النزوع التلقائى للمواطن تجاه المشاركة.
هل نضع هذا الأمر فى الاعتبار ونحن نفكر فى قانون جديد للمحليات؟