** خلال كأس الأمم الأفريقية، وما بعدها، وقبل مواجهة أوغندا فى 28 أغسطس المقبل ستجرى الكثير من المياه فى نهر المنتخب الوطنى. ولن يسير الأمر على التشكيل وعلى تكوين الفريق، وإنما حتما لابد أن يسير على أهم خطوة مفقودة: ماذا يفعل المنتخب بالكرة حين يمتلكها؟.
** فى ليلة مباراة غانا، وبعد نهايتها، ووسط كم هائل من الانتقادات أكدت أن كوبر لعب بأفضل أسلوب فى إطار ما يملكه من أدوات. وأن الدفاع الصارم، وبطريقة «عساكر الشطرن» لحماية الملك، وبشعار «والله زمان ياسلاحى»، كان اختيارا مفروضا أمام فريق فى غاية القوة الفنية والبدنية والذهنية، ويتميز بكرته الجماعية الرفيعة المستوى. وعلى الرغم من امتلاكه واستحواذه هدد مرمى الحضرى بكرتين خطيرتين، وهو ما لا يتناسب مع سيطرته، وهذا يحسب لدفاع المنتخب ووسطه.
** يدهشك أن الكثير من الخبراء يقرأون المانشيتات مثل كثير من القراء ولا يهتمون بالمحتوى. ويدهشك أن كثيرا من الخبراء يفهمون من السياق ما يريدون، وليس ما نريد. يعنى لم يقل أحد ولم أقل أبدا أن علينا أن نلعب كما يلعب أتلتيكو مدريد، وليستر سيتى، وتشيلسى، وإيطاليا. ولكن المعنى كان واضحا وهو أن المنتخب يمكن أن يلعب كرة جيدة بأداء جيد إذا اقترب كوبر فى فلسفته الهجومية من سرعة ودقة شن هذه الفرق لهجماتها المضادة. وحين نحاول مثلا تقريب المعانى للجمهور بالإشارة إلى قدرة ميسى على المراوغة فى المساحات الضيقة، كما يفعل أيمن حفنى أو رمضان صبحى فإن ذلك لا يعنى أن أحدهما أو هما الاثنان معا يساويان ميسى.. فلماذا الاجتزاء دائما؟.
** كوبر عليه أن يطور من الأداء الهجومى للمنتخب فى الأشهر القادمة. تلك مهمته الأولى. فليس صحيحا، كما قال خبراء أيضا، إن الكرة الحديثة تقوم على الدفاع، فلو كانت كذلك، فإن كرة برشلونة، وريال مدريد، ومانشستر سيتى، وبايرن ميونيخ، والبرازيل ومنتخب ألمانيا هى كرة بالية، قديمة، مملة، ضعيفة، مهزأة، منفرة.. وهناك فروق فى عمليات الهجوم المضاد، ولعل المثال التالى يوضح تلك الفروق.
** اليونان 2004.. أسوأ منتخب فاز بكأس الأمم الأوروبية. دفاع متراجع، ومقاتل، ويسمى دفاع منطقة. وهجوم مضاد بليد وبطىء، وأهداف قليلة تخطف وتسرق. ولقب يطير إلى جزر سانتورينى وخيوس ورودوس وميكونس . والأمر نفسه تقريبا مع البرتغال فى أمم أوروبا 2016 فهى أحرزت اللقب دون أن تكون أفضل من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا.. لكن الدنمارك 1992.. فازت بكأس أوروبا بأداء ممتع تميز بالهجوم المضاد الأخاذ المغموس فى الشجاعة والإقدام والمهارة والجمل التكتيكية البديعة.
** إذن الدفاع ثم التحول بهجوم مضاد سريع فيه هذا الابتكار الفنى والجمل يمكن أن يجعل الأداء جيدا وممتعا أيضا.. وهنا يمكن أن يجمع كوبر بين النتائج وبين الأداء. وعندما نضرب المثل بالضغط العالى الذى تمارسه الفرق الكبرى، فإن ذلك ما فعله منتخب غانا بالضبط، لأنه فريق كبير يملك القدرة. وهذا الضغط من ملامح الكرة الجديدة فعلا.. لكن بعد أن ضربنا الأمثلة تساءلنا: هل نستطيع؟.
** الإجابة: لا.. فالضغط العالى يحتاج إلى قدرات فائقة، ولا يمارسه اللاعب المصرى، وكيف يمارسه؟ إذا كان لاعبنا لا يمارس الضغط فى ملعبه أصلا بثقافته وبلياقته، وبتدريبه.