يجدر بشبابنا التفكير فى توجيه طاقتهم التظاهرية والاعتصامية كل جمعة إلى مجالات لا تقل حيوية عن الدور الذى لعبوه حتى الآن. بمعنى أن تكون هناك مليونية أو ربع مليونية للتبرع بالدم، ربع مليونية لتنظيف ميدان من الميادين بأن يرفع كل متظاهر ورقة أو حفنة تراب أو رمل أو حجرا من الطريق ودخول موسوعة جينس بأطول طابور بشرى لتنظيف شارع أو طريق، مليونية للتبرع بقميص أو بنطلون أو طرحة أو جلباب زائد على حاجة المرء لمن يحتاجه، مليونية أو ربع مليونية للتبرع ولو بربع جنيه لمشروع من المشروعات، أو مؤسسة من المؤسسات بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختصة، اعتصام لمدة يوم أو اثنين لتشجير منطقة، اعتصام يوم أو اثنين لتجميل حى، أو ترميم ودهان أسوار كوبرى، وفى هذه المليونيات يتم رفع المطالب والشعارات الموجهة إلى القائمين على النظام ومباشرة الأنشطة الدورية من أمسيات وأشعار وأغانٍ وغيرها ولكن بالتزامن مع البناء والتنظيف والمساهمة ودون تعطيل لمصالح الناس حتى لا ينقلب الأمر إلى نفور تلك الجموع المتضررة من الاعتصامات من الثورة والثوار وما أجمل ان نختتم كلامنا بقول الله أعلم.
صاحب الفكرة السابقة هو أخى وزميلى فى جامعة القاهرة د. محمد عاشور.
لذا أنا أتساءل، لماذا لا تدعو الحركات الاحتجاجية ونفس الأشخاص الذين دعوا للثورة ضد مبارك، والكثير منهم أصدقاء أعزاء، لمليونية نظافة الوطن؟ فليخرجوا جميعا أو فرقا، من بعد صلاة الجمعة وحتى وقت المغرب فى كل شوارع مصر وميادينها، بحيث لا يتركون حجرا أو ورقة أو قمامة، إلا ويحملونها من حيث هى إلى أماكن تجميع للقمامة عند نواصى الشوارع الرئيسية، ويعطى السيد رئيس الوزراء والسادة المحافظون تعليماتهم لسيارات القمامة لتجوب شوارع مصر لتحمل القمامة التى جمعها هؤلاء. لتكون مصر صباح السبت المقبل غير مصر صباح الجمعة؟
لا خير فينا إن ظلت مصر ما بعد الثورة على ما كانت عليه قبل الثورة. لى صديق أكاديمى أمريكى زار مصر وعدة دول ومن بينها إسرائيل من نحو عامين، وبعد أن عاد قلت له ما رأيك فى مصر مقارنة بالدول الأخرى التى زارها. وقد أحزننى ما قال رغما عن صدقه إذ قال عن مصر: «dusty, dirty, and unorganized» أى «بلد غير نظيف، ملىء بالأتربة، وغير منظم».
فلنبدأ بالنظافة، وكما نجحنا فى خلع الفساد من قمة هرم السلطة، فلنتعاون للتخلص من القمامة فى كل شوارع وميادين مصر الرئيسية.
يا من أعانكم الله على أن تقولوا «لا» للفساد والاستبداد، هل من «نعم» للنظافة وآدمية الإنسان.
وإلى السادة المسئولين: «إن هذه الأيدى خلقت لتعمل، فإن لم تجد فى الطاعة عملا، وجدت فى المعصية أعمالا».