يندر أن تجد إجماعا فى مصر هذه الأيام، لكن بعض ممارسات الشرطة وأجهزة الحكومة، وحدت الجماعة الصحفية بصورة لم تحدث منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ تقريبا.
فى الواحدة والنصف من ظهر الاثنين الماضى اجتمع رؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة والحزبية لمدة ساعتين مع مجلس نقابة الصحفيين برئاسة النقيب يحيى قلاش فى مقر بيتهم الكبير، أى النقابة الكائنة فى ٤ شارع عبدالخالق ثروت، وتتوسط ثلاة مبانٍ لها دور رمزى هى نقابة المحامين ونادى القضاة ودار القضاء العالى.
النقابة دعت رؤساء التحرير لبحث الانتهاكات التى تتعرض لها الصحافة من بعض الأجهزة، خصوصا بعد التحقيق مع الزميل خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع والمحرر بنفس الصحيفة محمد الفلاح على ذمة نشر خبر عن تعرض موكب سيارات الرئاسة لهجوم فى سيناء، وتم تصحيحه لاحقا .
غالبية من تحدث فى هذا اللقاء قبل إصدار البيان تحدث عن الايام الصعبة التى تعيشها الصحافة المصرية الآن، للدرجة التى دفعت زميلا للقول إنها صارت أصعب من ايام مبارك، بل إن الضمانات التى كانت سائدة وقتها تعرضت للانتهاك أكثر من مرة، خصوصا فيما يتعلق بإخطار النقابة قبل القبض أو التحقيق مع أى زميل، وقال زميل آخر إنه يخشى أن «الدستور اتعمل علشان يتحط فى الدرج».
النقيب يحيى قلاش قال ان بعض أجهزة الدولة تقدم أفضل خدمة للإرهاب حينما تطارد الصحفيين الذين يتصدون لهذا الارهاب.
نفس الفكرة تحدث عنها الزميل خالد البلشى حينما قال إن هناك ٧ بلاغات من الداخلية ضد الصحفيين فى الفترة الأخيرة متسائلا: هل ما يحدث هو حسن نوايا أم أخطاء عادية أم مقصودة، خصوصا ونحن نرى إهدارا لأعراف مستقرة فى العلاقة بين الدولة والصحافة.
قال البلشى إن الصحفيين ـ عكس ما يعتقد كثيرون ـ لا يريدون أن يكون فوق رأسهم ريشة، بل فقط أن يحصلوا على ما يحصل عليه المحامى من ضمانات اثناء أداء عمله الطبيعى، أى عدم الحبس فى قضايا النشر والرأى.
جمال عبدالرحيم قال إننا نعيش فترة أسوأ من فترات مبارك والإخوان فيما يتعلق بحريات الصحافة وهناك استهداف حكومى واضح ضد الصحافة، واقترح أحد الزملاء ألا يدفع الصحفيون الكفالة فى حالة قضايا النشر، فيما اقترح زميل ثالث أن يعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى موقفه مما يحدث للصحافة والصحفيين وهو الاقتراح الذى تم تبنيه فى البيان الختامى. تحدث ياسر رزق وكان صوت العقل داعيا إلى الحفاظ على كرامة الصحفيين عبر اجراءات محددة وفى نفس الوقت عدم الصدام غير المبرر مع الدولة.
واستغرب مجدى الجلاد أن تتحول السلطة إلى الخصم والحكم فى قضية استهداف موكب سيارات الرئاسة فى سيناء، متسائلا كيف تثبت الصحافة صحة الخبر فى حين أن السلطة فقط هى التى كانت متواجدة فى المكان؟!!.
خالد صلاح دعا إلى استثمار ما جرى من أجل تشريعات عادلة تضبط العلاقة وتقننها بين الدولة والصحافة.
واقترح زميل آخر أن يصدر النائب العام كتابا دوريا إلى النيابات بعدم استدعاء أى صحفى إلا بعد إخطار النيابة فيما يتعلق بقضايا النشر. تحدث ايضا فى نفس الاطار كل من محمد شبانة ومحمود كامل وكارم محمود ومحمد بسيونى.
ما هو الملفت فى هذه الأزمة؟
هذه المرة يصعب أن يتم تصوير الصحفيين بأنهم مجموعة من الإرهابيين أو الإخوان أو الطابور الخامس، او ان «اليوم السابع» لسان حال مكتب الإرشاد!!. غالبية من كانوا حاضرين من معسكر ٣٠ يونيو، وبعضهم يدافع عن الدولة ومدنيتها ويتصدى للإرهاب بصورة أفضل من بعض المسئولين!.
إذن ما هى تلك الشطارة والمهارة والكفاءة التى تجعل بعض أجهزة الدولة تدخل فى صراع مع الصحفيين وتحاول إخضاعهم أو قمعهم أو إرهابهم ظنا أن ذلك سيجعلهم يدخلون الحظيرة؟.
إذا لم تكن الحكومة وأجهزتها تدرك أن الصحافة هى خط الدفاع الأول عن مدنية الدولة فتلك فى حد ذاتها كارثة تجعلنا نضع أيدينا فوق قلوبنا؟.