طريقان لا ثالث لهما يضمنان لجمال مبارك الوصول إلى القصر الجمهورى، ليصبح خامس رئيس يحكمنا منذ عام 1952.. الأول أن يلجأ «للخلطة السرية» المتبعة منذ عشرات السنوات، وينفذ عمليات تزوير واسعة فى صناديق الانتخابات، مع تأجير البلطجية لمنع الناخبين من الوصول إلى مراكز الاقتراع، واستخدام أجهزة الدولة الأمنية والإعلامية بالكامل لصالحه.
أما الطريق الثانى، فهو قيامه بـ«ثورة ثقافية» يغير بمقتضاها مجمل الأفكار والاستراتيجيات التى يتبناها فى لجنة السياسات!
وقد يستطيع جمال مبارك أن يقرأ علينا من ميزانية الدولة أو من التقارير التى تضعها بعض الوزارات بيانات تؤكد ارتفاع مستوى المعيشة، مستشهدا بزيادة عدد السيارات التى تملأ شوارع القاهرة تلوثا وزحاما وضجيجا، كما يستطيع أن يستشهد بعشرات المدن والمنتجعات التى تنتشر حول ضواحى القاهرة أو على امتداد الساحل الشمالى أو البحر الأحمر.. ولكنه لن يستطيع تفسير ارتفاع أعداد سكان العشوائيات، ولا انتشار الفقر وسطهم، ولا انهيار التعليم فى المدارس والجامعات، ولا التدهور فى الرعاية الطبية وإصابة الملايين بأمراض وبائية بالكبد والكلى والسرطانات المختلفة، ولا ارتفاع معدلات الجريمة وزيادة عنفها وبشاعتها خلال السنوات العشرين الأخيرة، ولن يستطيع أن يكشف أسرار الكآبة والاكتئاب وعدم الثقة فى المستقبل التى يعانى منها الملايين خاصة الشباب، ولن يمكنه أن يوضح أسباب العدوانية التى أصبحت تميز سلوك الكثيرين فى شوارعنا!
باختصار ستبدو إنجازات جمال مبارك فى واد، وما يشعر به الملايين من الناخبين فى واد آخر.. فجمال مبارك حتى الآن يبدو منحازا لرجال الأعمال، لإيمانه بأن توسع اعمالهم يساهم فى إيجاد وظائف جديدة تستوعب عمالة جديدة تزيد بالتالى من حجم الاستهلاك وحجم السوق، مما يزيد فى النهاية من الإنتاج.. وهى نظرية اقتصادية ثبت فشلها الذريع فى مصر منذ تطبيقها فى التسعينيات مع البدء فى البيع الهيستيرى لشركات القطاع العام تحت شعارات الخصخصة.
جمال مبارك يحتاج إلى برنامج سياسى جديد يلبى احتياجات الأغلبية الفقيرة فى مصر، التى تدفعها حكومات الحزب الوطنى المتتالية دفعا نحو الفوضى والتمرد والعنف والتطرف.. ولكنه قبل ذلك كله، يحتاج إلى خوض منافسة شريفة مع كل المرشحين، تضمن له قبولا شعبيا لايزال يفتقده حتى الآن ولم تستطع أن توفره له حملات العلاقات العامة التى يقوم بها مستشاروه الإعلاميون.. وبالقطع لن تتحقق هذه المنافسة إلا باتخاذ خطوات محددة تبدأ بإلغاء التعديلات الدستورية الأخيرة وإجراء تعديلات جديدة يشارك فى إعدادها فقهاء القانون الدستورى، وتشكيل حكومة انتقالية خلال الانتخابات، والموافقة على إشراف قضائى كامل عليها، والتأكد من حيادية الأجهزة الأمنية والإعلامية.. وساعتها سوف يفوز جمال فى الحالتين سواء نجح فى الانتخابات أو سقط!!
mesmat@shorouknews.com