يقوم الرئيس الإيرانى فى هذه الأيام بزيارة المشروع الوحيد الناجح للثورة الخمينية خارج إيران: لبنان.
لقد حاولت إيران فى الماضى السيطرة على أماكن أخرى. ففى الثمانينيات جربت إثارة القلاقل فى مناطق النفط فى شرق السعودية، حيث تسكن الأغلبية الشيعية، كما قام شيعة البحرين والكويت بأعمال تخريبية بتشجيع من طهران. لكن خلافا لهذه المحاولات، يظهر فى لبنان حجم نجاح الجهود الخيمينة. إن زيارة أحمدى نجاد للبنان ليست زيارة عادية من زعيم دولة إلى دولة صديقة، وإنما هى زيارة حاكم للمنطقة التى يسيطر عليها.
يصل أحمدى نجاد إلى لبنان حاملا شيكا مفتوحا، وعلى الرغم من ذلك ثمة معلقون إسرائيليون قالوا إن ليس لدى إسرائيل ما تخاف منه، فالرئيس الإيرانى غير قادر على مساعدة بيروت اقتصاديا، لأن الوضع المالى فى إيران سيئ للغاية. لكن علينا ألا نحكم على إيران بالمعايير الغربية: فالجمهورية الإسلامية ليست نموذجا للدولة الديمقراطية، والسلطة هناك لا تستمد شرعيتها من خلال تأمين الرفاهية لمواطنيها.
أما القدس فتلتزم الصمت وتنتظر مرور العاصفة، ورجوع أحمدى نجاد إلى بلده، وعودة الهدوء إلى منطقة الشمال، لكن يجب عدم تجاهل ما يحدث فى لبنان، لأنه سيؤثر فى إسرائيل اليوم وفى المستقبل أيضا.
نذكر كل من يعتقد أن زيارة أحمدى نجاد للبنان، هى أمر يعنى طهران وبيروت، اننا فى سنة 2000، وعندما انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان من طرف واحد مثل اللص فى الليل، كان هناك من استخف بالخطر فى الشمال، وقال إن حزب الله هو تنظيم لا يتجاوز عدد مقاتليه 400 مقاتل فقط.. لقد ساعد الفراغ الذى تركه انسحابنا من لبنان فى إظهار حزب الله كمنتصر، وتحول الحزب بمساعدة إيران الاقتصادية إلى أكبر قوة فى لبنان. ونتمنى اليوم أن يكون إيهود باراك قد تعلم الدرس.
إن الوسائل التى تملكها إسرائيل فى صراعها مع حزب الله محدودة، ولذا علينا القيام بحملة دبلوماسية لتشكيل ائتلاف دولى واسع ضد سيطرة الحزب على لبنان. ويجب ألا ننسى أن حظوظ نجاح هذه الخطوة السياسية ليست كبيرة، وأن العالم لن يسارع إلى الوقوف إلى جانبنا.
إن القيام بخطوات سياسية مؤثرة مثل السلام مع سوريا ومع الفلسطينيين، من شأنه أن يعزل حزب الله وينزع الشرعية عنه. ولكن علينا أن ندرس هذه الخطوات بحد ذاتها، وليس من الزاوية اللبنانية فقط.
وعلى الرغم من هذا الإحباط كله، فإنه محكوم علينا أن نستعد وأن ننتظر، حتى عسكريا، حلول اليوم الموعود. فإذا غفونا خلال الانتظار كما فعلنا عشية حرب لبنان الثانية، فإن حكما شيعيا حقيقيا سيقوم على حدودنا، يتزعمه أحمدى نجاد.
إن صراع أحمدى نجاد ضد إسرائيل بواسطة حزب الله، ليس سوى خطوة أخرى على طريق تحقيق رؤيا الخمينى: الزعامة على العالم الإسلامى. وما موطئ القدم الإيرانية فى لبنان سوى وسيلة على طريق تحقيقها.