فى الأسابيع الأخيرة ظهر علم مصر الأخضر، فى المظاهرات وعلى صفحات الفيس بوك، مثلما استخدمت الثورة فى ليبيا العلم الليبى القديم، واستخدم ثوار سوريا علم الاستقلال المشتق من علم الثورة العربية الكبرى.
وأثار ظهور العلم الأخضر كثيرا من الجدل واعتبر البعض ظهوره دعوة للعودة للملكية، فما هى حكاية هذا العلم؟
منذ احتل العثمانيون مصر سنة 1517 تم استخدام العلم العثمانى كعلم للبلاد، وعندما بدأ محمد على مشروعه للاستقلال بمصر سعى لإدخال تغيير طفيف على العلم الذى يرفع فى مصر باعتبار العلم شعارا من شعارات الاستقلال، فجعل نجمته بخمسة أطراف وكان النجم فى العلم العثمانى حينذاك بستة أطراف.
وفى عهد الخديو إسماعيل تقدم خطوة فى تغيير العلم المصرى، فجعله علما أحمر به ثلاثة أهلة بيضاء أمام كل منها نجم خماسى الأطراف، وكانت الأهلة والنجوم ترمز إلى مصر والنوبة والسودان، أما علم الجيش فكان أخضر اللون يتوسطه هلال ونجم فضيان، وكانت هذه بداية دخول اللون الأخضر فى العلم.
وبعد الاحتلال البريطانى لمصر سنة 1882 عاد العلم العثمانى علما للبلاد، إلا أنه مع إعلان الحماية البريطانية سنة 1914 وتعيين حسين كامل سلطان لمصر أصبح العلم الذى استخدم فى عهد الخديو إسماعيل علما لمصر.
عندما قامت ثورة 1919 خرجت الجماهير تحمل العلم المصرى الأحمر ذا الثلاثة أهلة والثلاث نجوم، لكن الثورة أبدعت أعلاما متعددة كان من أشهرها علم يتوسطه هلال يحتضن صليبا، أو هلال وصليب وبينهما ثلاث نجوم، وقد اتخذت هذه الأعلام ألوانا متعددة منها اللون الأخضر. ومن هنا ظهر العلم الأخضر فى مرحلة المد الثورى الذى أعقب الحرب العالمية الأولى، ظهر من قلب ثورة 1919 الشعبية.
وبعد إعلان تصريح 28 فبراير 1922 وصدور الدستور المصرى سنة 1923، أصبح العلم الرسمى لمصر العلم الأخضر الذى يتوسطه هلال أبيض وثلاث نجوم بيضاء. وصدر قانون للعلم المصرى فى ديسمبر سنة 1923 حدد شكل العلم ولونه وأبعاده وقواعد استخدامه فى المناسبات العامة.
وتحت هذا العلم الأخضر خاض الشعب المصرى أهم معاركه من أجل استكمال الاستقلال والدفاع عن الدستور، حمله المصريون فى مظاهراتهم، والتف به نعش زعيم الأمة عند وفاته فى أغسطس سنة 1927، وحمله الشباب فى ثورتهم عام 1935 من أجل الاستقلال والدستور، وسقط شهيد العلم محمد عبد الحكم الجراحى مضرجا فى دمائه وهو يحمله ويدافع عنه، كذلك استشهد تحته الشهيدان طه عفيفى وعبد المجيد مرسى فى نوفمبر 1935.
ورفعه الطلبة والعمال فى مظاهرات فبراير سنة 1946، ولف نعوش شهداء معارك الفدائيين ضد قوات الاحتلال البريطانى فى القناة عامى 1951 و1952.
إنه كذلك العلم الذى ارتفع فوق القلعة بعد جلاء قوات الاحتلال عنها سنة 1947، وفوق مبنى شركة قناة السويس عندما أصدر جمال عبد الناصر قرار تأميمها فى 26 يوليو 1956، ورفعه عبد الناصر على قاعدة القناة بعد جلاء القوات البريطانية عنها، وخاض الشعب والجيش تحته معركتهما ضد العدوان الثلاثى على بور سعيد سنة 1956.
وظل علما لمصر بعد إعلان الجمهورية فى يونيو سنة 1953، ولم يتغير حتى قامت الوحدة المصرية السورية وأعلنت الجمهورية العربية المتحدة فى 22 فبراير سنة 1958، عندها حل محله علم هيئة التحرير، التنظيم السياسى الأول للنظام بعد يوليو 1952، العلم الذى أضيفت إليه منذ الوحدة نجمتان خضراوان، ثم فى بداية عهد السادات وعلى وجه التحديد فى سبتمبر 1971 حل الصقر محل النجمتين، وأصبح العلم علما لمصر وسوريا وليبيا تحت مظلة اتحاد الجمهوريات العربية، وفى عام 1984 فى بدايات عهد مبارك حل النسر محل الصقر فى وسط العلم.
إن العلم الأخضر ببساطة علم الاستقلال الذى خاض المصريون تحته كثيرا من نضالهم من أجل الديمقراطية والاستقلال.