نشرت صحيفة ذا واشنطن بوست مقالا لديبى دينجيل ورشيدة طليب، وكلاهما ديمقراطيان يمثلان ميشيجان فى مجلس النواب الأمريكى، ينتقدان فيه المسئولين الذين يطالبون المواطنين بغسل أيديهم بانتظام لمواجهة الفيروس وفى نفس الوقت يتقاعسون عن توفير المياه الجارية لهم ولا يتحرجون عن قطعها عن محدودى الدخل والفقراء غير القادرين على تحمل تكاليف الفاتورة.. نعرض منه ما يلى.
ابق فى المنزل، وارتد الكمامة، وحافظ على مسافة بينك وبين الآخرين، واغسل يديك.
حفظنا إجراءات السلامة الهامة هذه فى أدمغتنا منذ ما يقرب من عام عندما بدأت جائحة كوفيدــ19. ويبدو أن غسل اليدين لمنع انتشار هذا الفيروس القاتل أمر لا يحتاج إلى تفكير؛ فهذا ما فعلناه منذ عقود للحفاظ على النظافة ولمنع انتشار الأمراض الخطيرة الأخرى.
لكن بعض الحكومات ــ التى تطلب من الناس غسل أيديهم ــ لا يزال بإمكانها قانونًا قطع المياه إذا لم يتمكن المواطنون من دفع تكاليف الفاتورة. كما أن فى معظم الأماكن فى الولايات المتحدة، تقوم إدارات المياه بتزويد المنازل والشركات ومعظم المرافق العامة بالمياه وتعقيمها وتوفيرها. إلا أن هناك القليل من شركات المياه، للأسف، قطاع خاص هادف للربح.
أدى حال الشركات هذا إلى خلق واقع ضار بالمواطنين. مثلا، فى ولاية ميشيجان وحدها، تم قطع المياه عن أكثر من 3 آلاف أسرة. لكن هذه ليست قضية ميشيجان فحسب. ففى ولاية فرجينيا، يتخلف أكثر من 500 ألف من السكان عن سداد فواتير المياه، وفى بنسلفانيا العدد 183 ألفا. وفى جميع أنحاء الولايات المتحدة عموما، شهد الكثيرون زيادات فى فاتورة المياه بنسبة 30 فى المائة فى أقل من عقد من الزمان. فى غضون ذلك أيضا، فقد ملايين العمال وظائفهم العام الماضى.
أزمة الصحة العامة بسبب فيروس كورونا كشفت عن الأسباب الجذرية لعدم إمكانية الحصول على المياه، ولا يمكن تجاهل الأمر الآن. وبالنسبة للعديد من الأمريكيين، انقطاع المياه هو مجرد البداية. فحتى بعد سداد الديون المستحقة عليهم أو ترتيب خطط السداد، فإن رسوم إعادة الاشتراك بعد توقف الخدمة تفرض عليهم المزيد من العقوبات. لذلك، الولايات المتحدة بحاجة إلى تجاوز التعامل مع المدفوعات الفائتة على أنها إخفاق أخلاقى والاعتراف بواقع آخر أهم وهو أن العائلات تكافح وهى تحاول تغطية نفقاتها.
وليس بخافٍ على أحد أنه ومع استمرار ارتفاع أسعار فواتير المياه وتخلف الكثير من الأمريكيين عن دفع قيمة الفاتورة، تفشل الحكومات فى الاستثمار فى تحسين البنية التحتية. يظهر ذلك جليا فى ميشيجان، حيث لا يزال السكان هناك يعانون من العواقب المميتة لتجاهل شبكات المياه المتهالكة ولا مبالاة المسئولين الذين ينشغلون فقط بادخار النقود.
من جانبها، أفادت منظمة مراقبة الغذاء والماء أنه اعتبارًا من يناير 2021، يعيش 56 فى المائة من الأمريكيين ــ أو 183 مليون شخص ــ فى الولايات دون أى إجراءات حماية أثناء الوباء. وفى العام الماضى، حظرت 20 ولاية فقط قطع المياه. وقد أنهت بالفعل إحدى عشرة ولاية هذا الحظر أو المنع، وسمحت ما لا يقل عن 226 من مرافق المياه الخاصة إنهاء الحظر.
على كل حال، هذه الأزمة التى نحن بصددها لم يخلقها الوباء إلا أنه بالتأكيد جعل الأمر أسوأ كما هو الحال مع العديد من حالات عدم المساواة المنهجية. ففى الواقع، الافتقار إلى الحصول على مياه نظيفة وبأسعار معقولة كانت مشكلة فى المجتمع الأمريكى منذ عقود.
لذلك، فى الشهر الماضى، اقترح 77 نائبا تقريبا فى مجلس النواب الأمريكى إنشاء صندوق بقيمة 1.5 مليار دولار للحكومات المحلية للمساعدة فى دفع فواتير المياه للسكان ذوى الدخل المنخفض. وسيتطلب هذا التشريع، الذى يدعمه ما يقرب من 100 منظمة، من جميع المدن والمقاطعات إعادة توصيل الخدمة وفرض وقف مؤقت لقطع المياه. وهذه المتطلبات لن تساعد السكان والحكومات المحلية فقط على المدى القصير من خلال توفير الوصول إلى المياه خلال فترة الوباء؛ لكن ستوفر حلولًا طويلة الأجل تضمن حصول الجميع بشكل دائم على مياه نظيفة وبأسعار معقولة.
بعبارة أخرى لتبسيط الأمر، أخذ معظم الأمريكيين هذا الفيروس على محمل الجد. فهم يرتدون كمامات ويحافظون على التباعد الاجتماعى ويغسلون ويعقمون أيديهم ويعتنون بمن حولهم. إلا أن معظم هذا ينطوى على القليل من مساعدة الحكومة أو حتى بدونها. لذلك لا يجوز لتلك الحكومة نفسها أن تجعل من الصعب على المواطنين الامتثال لإجراءات الوقاية.
إجمالا، يحتاج المواطنون إلى الحصول على مياه نظيفة وبأسعار معقولة لمكافحة انتشار فيروس كورونا والحفاظ على النظافة الجيدة وتجنب الفيروسات والبكتيريا والأمراض الفتاكة الأخرى. فلقد سئمنا معاقبة الناس لكونهم فقراء، مما جعلهم عرضة لهذا الوباء القاتل وغيره من الأخطار اليومية لمجرد أنهم لا يستطيعون تحمل فاتورة المياه. حان الوقت لنأخذ صحتنا العامة على محمل الجد وأن نتعامل مع الماء كحق من حقوق الإنسان. حان الوقت لأن نبدأ على هذا النحو.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى