جنون الحب - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 10:59 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جنون الحب

نشر فى : الجمعة 20 يناير 2023 - 8:35 م | آخر تحديث : الجمعة 20 يناير 2023 - 8:35 م

اعتمد فرويد كثيرا على النصوص الأدبية البارزة وهو يضع نظريته فى علم النفس، ومن بين هذه النصوص أقصوصة باسم «ويلسون ويلسون» كتبها إدجار آلان بو فى النصف الأول من القرن التاسع عشر، وهى تقوم على فكرة انشطار السلوك الإنسانى إلى الخير والشر،.

وقد خرج ويلسون من أعماق أخيه الطيب وظل يلاحقه بشروره حتى تخلص الآخر منه، هذه الفكرة توقف عندها المخرج محمد كريم فى عام 1954 فى فيلم «جنون الحب» الذى قام ببطولته كل من عماد حمدى وأنور وجدى وراقية إبراهيم، وقد صار ويلسون بمثابة شقيقتين توءمتين تعيشان بين القاهرة والريف والإسكندرية، الأولى هى سهير التى تحاول أن تتملك أختها نادية وأن تسيطر عليها، فتنشأ نادية وقد انتابتها المخاوف من القطط والظلام وانتابها هاجس أنها كانت سببا فى مصرع والديها تباعا، لهذا السبب أيضا فإن نادية فقدت خطيبها معاون النيابة وصارت الآن وحيدة، غير سوية، فى هذه الأجواء يعيش المؤلف محمد فتحى الذى جاء إلى الريف لتأليف رواية جديدة ويسمع أصوات صراخ فى الفيلا المقابلة ويتعرف على نادية المكتئبة الحزينة السوداوية، ثم يلتقى بعد ذلك بالأخت سهير، وهنا يضيف الفيلم شخصية صديق البطل من خلال الطبيب حسين الذى يستخدم مهنته لمحاولة علاج الفتاة المريضة بل الفتاتين التى أمرضت أحداهما الأخرى، نحن أمام شابتين تجسد كل منهما راقية إبراهيم وحسب هذه الأماكن المغلقة فإن مشاعر العاطفة تتنامى بين الصديقين من ناحية وبين التوءمتين من ناحية أخرى.

نحن نتكلم عن فيلم من إخراج رائد السينما المصرية الأول الذى قدم روايات أدبية مثل زينب وقدم من الأفلام الغنائية بطولة محمد عبدالوهاب، ومن المهم أن نؤكد أنه كان مخرجا جيدا، لكنه كان يضع عينيه على النجاح التجارى للفيلم ويجمع دوما النجوم الكبار مثلما فعل فى جنون الحب وهو الفيلم الأخير للفنانة راقية إبراهيم وكان يساعده فى كتابة أفلامه أشخاص آخرون أبرزهم عبدالوارث عسر وسليمان نجيب اللذين رأيناهما معه، حاول كريم استخدام جميع أساليب الإخراج التى يعرفها والعزف على موضوعات سبق أن قدمها ومنها الرومانسية وأجواء التوتر وتجميل الواقع والاهتمام بالعلاقات الثنائية ولكنه هنا يحاول تقديم فيلم نفسى دون الإشارة إلى ويلسون ويلسون، لكن اهتمامه بالممثلين كان على حساب أجواء التوتر، لعله خاف من أن تنفلت منه القصة الأصلية فكان يلجأ إلى الغموض والتوضيح بين مشهد وآخر حتى لا تنفلت الخيوط من يده وحتى يظل الحب هو الرابط الأساسى بين الأشخاص فمحمد هو كاتب روائى يستمد من القصة التى يعيشها مع نادية صفحات روايته الجديدة وكلما توترت العلاقة بين نادية وأختها تنعكس على مشاعر نادية تجاه من تحبه، وتفاجئه مثلا برفض الزواج به قبل عقد القران بدقائق.

أغرب ما يدهشنى فى هذا الفيلم أن البطولة الأولى هى لعماد حمدى، ويبدو أنور وجدى كأنه الصديق المساعد، فنحن هنا أمام قصة رئيسية عن الحب الذى يتنامى بين نادية ومحمد أما حسين فهو الطبيب الذى يكشف حالات المرض والشفاء لدى نادية، ويساعدها أن تتحرر من مخاوفها والوساوس التى تطاردها عما ارتكبته، ويجب أن نعرف أن العلاقة كانت هنا أخف وطأة من ويلسون ويلسون حيث مات الشرير على يد توءمه الطيب أما هنا فأإن نادية تحصل على حبيبها بعد شفاءئها، وتبقى النهاية مفتوحة بالنسبة لما فعلته سهير مع أختها طوال حياتهما.

بعد هذا الفيلم تركت راقية مصر ورحل أنور وجدى، وبدا هذا الفيلم غريبا على المتفرج، وتفرغ المخرج لفيلمه الشهير مع عبدالحليم حافظ باسم دليلة ثم أسس معهد السينما واعتبره الكثيرون رائد الإخراج فى السينما المصرية.

التعليقات