لا حديد فى السياسة ولا سياسة فى الحديد - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:10 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا حديد فى السياسة ولا سياسة فى الحديد

نشر فى : الثلاثاء 20 أبريل 2010 - 10:17 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 20 أبريل 2010 - 10:18 ص

 لماذا طالب نائب الوطنى بضرب المتظاهرين بالنار، بدلا من ضربهم بيد من حديد؟
يقول المتخابثون إن تكلفة الرصاص الحى صارت أقل كثيرا من تكلفة الحديد، وفقا للأسعار الجنونية التى قفز إليها طن حديد أمين التنظيم والرجل القوى فى الحزب الوطنى، ومن ثم لا داعى لإهدار ميزانية الدولة فى إزهاق أرواح كل من تسول له نفسه التظاهر أو الاحتجاج أو المطالبة بأى شىء.

قد يبدو ما سبق هزلا فى موضع الجد، لكنه بالتأكيد ليس أكثر هزلية مما جرى تحت قبة البرلمان أمس الأول من اتهامات لوزير الداخلية بممارسة أفظع أساليب «الحنية» مع الذين تظاهروا يوم 6 أبريل.

وكنت أتصور أن «أحمد سبع الليل» ليس إلا جندى أمن مركزى جاهلا فى رائعة السينما المصرية التى قدمها الثنائى الجميل عاطف الطيب ووحيد حامد فى منتصف الثمانينيات، غير أنى اكتشفت أن «سبع الليل» خلع رداء جندى الأمن المركزى وتبوأ مقعده تحت قبة مجلس الشعب، دون أن تتغير طبيعة مهمته، التى هى محاربة «أعداء الشعب» من المشاغبين الذين يخرجون فى مسيرات ووقفات تطالب بالتغيير والإصلاح.

لكن إلقاء اللوم على «أحمد سبع الليل» نوع من العبث فهو مجرد جندى يردد كل ما يقوله له قادته، ولذلك ينبغى أن يوجه الكلام إلى القيادات التى سمحت بمهزلة «الأحد الأسود» وجعلتنا فرجة العالم كله، ماذا سيقول الرئيس مبارك للمنظمات الدولية إذا سأله أحد عن دعوة نواب الحزب الحاكم ــ ومعهم نواب المعارضة الميرى ــ إلى إطلاق الرصاص على المتظاهرين؟

أليس هذا نوعا من التطهير العرقى وعمليات الإبادة الجماعية ــ لو استجيب لهذه الدعوة الدموية ــ لا يختلف كثيرا عما يجرى فى دارفور، وما جرى فى حلابجة؟

بلغة الأرقام، تشهد مصر نحو 4 وقفات احتجاجية أو اعتصامات يوميا، يشارك فيها نحو مائة شخص على الأقل فى الوقفة الواحدة، فماذا لو تحولت دعوات نواب حزب الحكومة إلى واقع؟

بحسبة بسيطة سيكون مطلوبا إطلاق الرصاص على 400 مواطن مصرى كل يوم، وهو ما يزيد سجل مصر فى مجال حقوق الإنسان بياضا ونصاعة.. ويزيد فرص السيد أحمد عز باعتباره أمين التنظيم وزعيم الأغلبية الحاكمة فى الفوز بجائزة الشفافية الدولية، على جهوده الخلاقة فى خلط الحديد بالسياسة، وخلط السياسة بالحديد، وهو ما تجلى فى ارتفاع سعر طن الحديد الذى تنتجه شركته بمقادر ألف جنيه فى غضون أسبوعين فقط.

وإن كنت أتفهم حماسة رجب هلال حميدة لضرب المتظاهرين بالنار فى ضوء تسديد فواتير الوصول للبرلمان بالتنكر فى ثياب المعارضة ــ مقدما ــ فإنى لا أفهم كيف يسمح زعماء حزب الفكر الجديد لنوابهم بهذه المهزلة التى تابعها العالم كله.
wquandil@shorouknews.com

وائل قنديل كاتب صحفي