عندما شاهدت هذا الفيلم فى عرضه الأول لاحظت أن المخرج والمؤلف رأفت الميهى قد رجع إلى مسرحية رغبة تحت شجرة الدردار للكاتب الأمريكى يوجين أونيل، وكانت قصة الفيلم تدور حول الأخ الأكبر الذى يدير ورشة قديمة ويرعى إخوته الثلاثة، ويتزوج فتاة صغيرة تجسدها مديحة كامل وبسبب قسوته تنمو علاقة محرمة بين الزوجة الشابة والشقيق الوحيد، والباقى فى المكان بعد أن هجر الأخوان الآخران المكان بلا عودة ظللت أكتب كثيرا عن هذه العلاقة بين الفيلم المصرى والمسرحية، ورجعت أيضا إلى فيلم بنفس العنوان قامت ببطولته صوفيا لورين فى أمريكا 1959، لكننى اليوم فقط اكتشفت أن الأمر أكثر اتساعا مما كنت أعرف فالكاتب الأمريكى الذى رجع فى أغلب مسرحياته إلى المأساة اليونانية القديمة قد استوحى موضوع فيدرا ليكتب مسرحيته التى اشتدت فيها درجة المحارم، فقد كان يونيل أكثر جرأة من الأسطورة اليونانية التى تحمل نفس الاسم فيدرا حول علاقة محرمة بين شاب وزوجة أبية التى يقترب منها فى العمر.. وهذه المسرحية كتبها أيضا راسين الفرنسى منذ عدة قرون.
الموضوع أكثر اتساعا من هذا، فحسب أسطورة وراسين فإن العاشقين اكتفيا بالحب وطلبت الزوجة من العجوز أن يطلقها، إلا أن الموضوع قد تغير كثيرا عند أونيل حيث أثمرت هذه العلاقة عن ميلاد طفل سفاح صار موضع نقاش بين أفراد المجتمع الذى تعيش فيه فيدرا وعشيقها لدرجة أن الزوجة كررت التخلص من ابنها حتى تحتفظ بعشيقها وأبيه معا.
«فيدرا راسين» قام المخرج جول داسان بإخراج فيلمه فيدرا عام 1962 بطولة زوجته ميلاينا ميركورى وأنتونى ميركز، وفى نهاية الفيلم مات العاشق ودخلت الزوجة لتبوح لبعلها الثرى أنها تريد الطلاق منه، وهو فى أشد حالات الانهيار، والسبب السفينة الغارقة التى يمتلكها، بكل شجاعة قام مصطفى محرم باقتباس هذا الفيلم 1974 باسم امرأة عاشقة بطولة شادية وحسين فهمى ومحمود مرسى، وقد سبق قد تناولناه فى هذه المقالات، حيث وقعت الزوجة المسنة فى حب ابن زوجها الشاب لكنها لم تنجب منه، ولم يشأ الفيلم التوغل أكثر فى المحرمات لكن فى الفيلم المصرى هذا قد جعل الابن يخون أباه فى ظاهرة هى الأولى من نوعها فى سينما المحرمات، ويبدو أن رأفت الميهى فى فيلم عيون لا تنام كانت تنقصه الجرأة حتى لا يصدم المشاهد أو حتى لا يصدم بالرقابة فجعل الخيانة هنا أن تكون امرأة بين أخوين.. والجدير بالذكر أن عبدالحى أديب اقتبس نفس القصة فى فيلم فتوة الجبل وجعل الزوج هو العم الذى قام بتربية ابن أخيه، أى أن درجة المحرمات هنا قد تباعدت.
من هنا تأتى أهمية أن تكون على معرفة بكل ما يتعلق بالنص وأن تشاهد عمل ما خاصة عيون لا تنام الذى التزم فيه المخرج والكاتب بالعلاقات المعقدة وتفاصيلها فى المسرحية والفيلم الأمريكى، فهناك رجل عجوز يتزوج من فتاة صغيرة وأخوه الشاب الذى تنجب منه تلك الزوجة سفاحا وما يؤدى إلى جريمة قتل فى محيط الأسرة، أنه القدر الذى يبدو بأبطاله البائسين لزين لهم حلاوة ما يفعلون ويسقطون فى الخطيئة الملعونة، ولا أعتقد أن هناك ما نشاهد «عيون لا تنام» بنفس المعلومات والامتاع من جديد فإننى حريص على عمل المقارنة فلا شك أن سينما السبعينيات كانت أكثر جرأة بكثير من سينما العقد الذى جاء بعده، ولا أعتقد أن الرقابة قد اعترضت أن المشاهد قد أحس باشمئزاز ما يعنى عبدالحى أديب فى فيلم فتوة الجبل كان أكثرهم حرصا على الابتعاد عن المحرمات ليصل الأمر إلى أن الزوجة الشابة تفضل شابا مثلها، والجدير بالذكر أن فريد شوقى قد لاعب دور أخ ثم العم وهو يعرف تماما حدود العلاقة التى يقوم بتجسيدها.