سياسة الاحتراف فى حزب الوفد - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:51 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سياسة الاحتراف فى حزب الوفد

نشر فى : الأحد 20 يونيو 2010 - 10:23 ص | آخر تحديث : الأحد 20 يونيو 2010 - 10:23 ص

 
انضمام الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم إلى حزب الوفد، منتقلا من أقصى اليسار، إلى اليمين، يعد واحدة من المفاجآت المدهشة فى الحياة السياسية المصرية.

وإذا كانت المسافة بين شارع كريم الدولة فى منطقة وسط البلد، وشارع بولس حنا حيث مقر حزب الوفد الجديد المتجدد لا تتعدى ثلاثة كيلومترات، إلا أنها مليئة بالتفاصيل والمحطات اللافتة والمثيرة.

كل حبة تراب فى شارع كريم الدولة حيث مقر حزب التجمع اليسارى وأتيليه القاهرة، معقل الحرافيش والمتمردين فى عالم الثقافة المصرية، ارتوت بأشعار التمرد والثورة والغناء للفقراء التى طيرها نجم بألحان الشيخ إمام ــ عليه رحمة الله ــ فى فضاء الحياة المصرية.

أكثر من سبعين عاما أمضاها نجم متمردا على السلطة والثروة منحازا للغلابة ضد الباشوات والبكوات، يجوب القرى والنجوع، يعفر قدميه بطين الحقول وغبار المصانع يغنى للشقيانين والكادحين، قبل أن يستقر على أريكة فى الوفد موقعا استمارة عضوية فى حزب لم يكن يوما للعمال والفلاحين والصنايعية والشغيلة، ومن هنا كانت المفاجأة التى جعلت البعض يضربون كفا بكف ويمدون حبال الدردشة والدندنة والتعليقات.. تماما كما فعلوا بعد غياب الثائر العظيم جيفارا، وكما صورهم نجم فى قصيدته الخالدة «جيفارا مات».

ليس من حق أحد مصادرة حق شاعر الفقراء فى الانتقال إلى ما يحب من أحزاب أو جمعيات سياسية، لكنه بالمقابل لا يمكن مصادرة حق أحد فى الدهشة والتعجب وقراءة معالم الرحلة من كريم الدولة إلى بولس حنا، والتى ينبغى على من يقطعها أن يمر بنادى السيارات ثم يتجه يمينا ليعبر مبنى الاتحاد الاشتراكى القديم ــ مقر الحزب الوطنى حاليا ــ قبل أن يعبر النيل وصولا إلى الدقى، مقر حزب الوفد.

والثابت أن حزب الوفد هو حزب الوفد، حزب اليمين كما عرفه الجميع، لم يتغير فيه شىء سوى أن رئيسا جديدا جاء إليه عبر انتخابات تبارت فى مدحها الركبان، وهو السيد البدوى، رجل الأعمال الشهير وصاحب مجموعة من القنوات الفضائية المعروفة، بينما مبادئ الوفد القديمة على حالها لم تتغير، ومن هنا تبدو تلك الجاذبية الطاغية التى نتأت فى قسمات وفد السيد البدوى فجأة شيئا محيرا ولافتا للنظر ومفجرا للأسئلة، البريئة وغير البريئة أيضا.

غير أن المدهش أكثر فى حالة وفد السيد البدوى هى تلك الإدارة الاحترافية لتشكيل الحزب، من خلال عقد عدد من الصفقات المدوية لضم نجوم من هناك وهناك، من مختلف ألوان الطيف السياسى فى مصر، وما يصاحبها من حفلات توقيع ضخمة، على غرار ما يجرى حاليا فى الأندية العريقة، التى تفضل شراء النجوم الجاهزة، بدلا من تنشئة وتربية كوادر جديدة من أبنائها وبراعمها.

ومادامت قواعد الاحتراف قد عرفت طريقها للأحزاب السياسية، فلا تندهش إذا سمعت يوما أن ناصريين فى طريقهم لارتداء قميص الوفد.. إنه عصر الاحتراف يا عزيزى!
wquandil@shorouknews.com

وائل قنديل كاتب صحفي