أظهرت إيران العين الحمراء لأوروبا، بينما لا تستطيع مصر أن ترفع عينها أمام حفنة رجال أعمال تحالفوا على اغتيال مشروع مصر النووى فى منطقة الضبعة.. هل عرفت الفرق الآن بين القاهرة وطهران؟
مبدئيا، العبد الفقير إلى الله كاتب هذه السطور لا تربطه أى علاقة إعجاب أو حتى ارتياح بنموذج الثورة الإسلامية فى إيران، كما أدرك تماما أن لإيران أطماعا فى المنطقة وطموحات جامحة لتلعب دور القيادة فيها، كما أن الدولة الفارسية لم تبرأ بعد من ميكروب الشعوبية رغم مرور 15 قرنا على دخولها الإسلام، فضلا عن أن طهران كانت شريكا أساسيا لأمريكا فى غزو العراق واحتلاله، ولا تزال تمارس لعبة سياسية غير شريفة فى العراق حتى الآن.
غير أن كل ما سبق لا يمنع النظر إلى الدولة الإيرانية بكثير من الاحترام والإعجاب وربما الانبهار وهى تمضى قدما فى مشروعها لامتلاك السلاح النووى معلنة التحدى لكل من يقف فى طريقها، على نحو جعل الآخرين لا يجرءون على الاقتراب منها.
لم تأت طهران بعبقرية جديدة، كل ما فعلته أنها امتلكت إرادة أن تكون قوية، ثم حولت إرادتها إلى فعل إنسانى ونشاط يومى، ساعية بكل تصميم على أن تكون ضمن الأقوياء فى عالم لا يعترف بالضعفاء.
مضت إيران فى طريقها ونجحت لأنها لم ترهن قرارها ببورصة السياسة العالمية، ولم تقايض على إرادتها بحفنة معونات أو مساعدات أو صفقات سلاح أكل عليها الدهر وشرب.
لم نسمع أن رجل أعمال إيرانيا رفع صوته معلنا اعتراضه على المشروع النووى لبلاده، ولم نعرف أن أحدهم رفض الإسهام فى التمويل أو طالب بتخصيص أراضى المفاعل الإيرانى لإقامة شاليهات وقرى سياحية فوقها.
كما لم نسمع أن الحكومة الإيرانية طأطأت رأسها فى خنوع ومذلة أمام رغبات وأوامر رجال الأعمال.. هل تعرف لماذا ؟ لأنه لا توجد فى طهران حكومة رجال أعمال، ولا جرى فيها زواج عرفى أو زواج متعة بين السلطة السياسية وسلطان المال، كما لم نسمع أن حكومة طهران تمنح حقائبها الوزارية لأصحاب المشاريع الخاصة، ولم تعتمد منطق تسكين المناصب تبعا لعلاقات النسب والمصاهرة.
أعرف أن سلطان المال فى مصر أقوى وأشرس بكثير من سلطة السياسة، على الأقل فى هذه المرحلة، لكن ما لا أفهمه هو هذه الحالة من الاستسلام والخضوع لما يقرره رجال الأعمال، وإلا ما معنى أن مشروعا أطلقه رئيس الجمهورية واختار له مكان التنفيذ، يترنح هكذا فى شوارع البيزنس مثل متسول عجوز؟
ما معنى أن تقف مصر مكتوفة الأيدى وهى ترى «الضباع» تتحرش بحلمها النووى دون أن تجرؤ على فتح فمها، بينما المستشار الإعلامى يخاطب العالم بكل اعتزاز بالنفس منذرا أمريكا والغرب بأن العالم يجب أن يتعامل مع بلاده كقوة نووية.
wquandil@shorouknews.com